۲۵محرم» شهادة الإمام علي بن الحسين زين العابدين (ع)

اليوم الخامس والعشرون من المحرم الحرام عام (۹۵هـ)

شهادة الإمام علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)

هو الإمام علي بن الحسين الشهيد (عليه السلام)، وهو رابع أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، وجدّه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام)، وصيّ رسول الله (صلوات الله عليه). وجدّته فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلوات الله عليه)، واُمه سيدة الإماء شهربانو بنت يزدجرد الملك، الطاهرة التقية الزكية.

وقد ولد الإمام علي بن الحسين (عليه السلام)، في سنة ثمان وثلاثين للهجرة، وقيل قبل ذلك، وعاش سبعة وخمسين سنة تقريباً، قضى ما يقرب من سنتين أو أربع منها في كنف جدّه الإمام علي (عليه السلام)، ثم ترعرع في مدرسة عمّه الحسن وأبيه الحسين (عليه السلام) سبطي الرسول الأعظم (صلوات الله عليه)، وارتوى من معين النبوّة والإمامة.

وكان مثلاً أعلى في العلم والعبادة والتقوى باعتراف جميع المسلمين، وكان مثالاً للحلم والشجاعة وكثرة الصدقات، وعتق العبيد والفصاحة والبلاغة والهيبة والعظمة، والكرم والسخاء، وشدة الورع وكثرة البرّ بوالدته، وحتى الرفق بالحيوان. ولقد كان مرجعاً ومفزعاً في كل مشاكل الحياة وقضاياها، بوصفه امتداداً لآبائه المعصومين (عليهم السلام). وقد قاوم الطغاة والظلمة من الحكام طوال عمره الشريف، قبل فاجعة كربلاء وبعد فاجعة كربلاء، بل حتى آخر حياته الشريفة.

موقفه من يزيد

فعند دخول الإمام زين العابدين (عليه السلام) والسبايا قصر يزيد السفاك في الشام ألقى خطبة عصماء عرّى فيها الحكم الاُموي وسياسته الظالمة جاء فيها: (أيها الناس، اُعطينا ستّاً وفضّلنا بسبع، اُعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبة في قلوب المؤمنين. وفضّلنا بأنّ منّا النبيّ المختار والصديق والطيار، وأسد الله وأسد رسوله، ومنّا سيدة نساء العالمين فاطمة البتول، وسبطا هذه الاُمة.

أيّها الناس، من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي، أنا ابن فاطمة الزهراء سيدة النساء، وابن خديجة الكبرى، أنا ابن المرمل بالدماء، أنا ابن ذبيح كربلاء). فضجّ الحاضرون بالبكاء، مما اضطر يزيد الإجرام أن يأمر المؤذن للصلاة ليقطع الخطبة على الإمام السجاد (عليه السلام)… إلاّ أن الإمام توقف عن الخطبة حتى قال المؤذن: (أشهد أن محمداً رسول الله).

فالتفت الى يزيد قاتلاً:

(هذا الرسول العزيز الكريم جدّك أم جدّي؟ فإن قلت: جدّك، علم الحاضرون والناس كلّهم أنّك كاذب، وإن قلت: جدّي، فلم قتلت أبي ظلماً وعدواناً، وانتهبت ماله، وسبيت نساءه؟ فويل لك يوم القيامة إذا كان جدّي خصمك. ثم اُعيدت السبايا الى كربلاء المقدسة على رأسهم الإمام السجاد والعقيلة زينب الكبرى (عليها السلام)، ثم الى مدينة الرسول الأعظم (صلوات الله عليه).

وقبل دخول المدينة المنورة أقام الإمام زين العابدين خارجها ودعا الناس إليه بواسطة أحد الشعراء، وخطب بهم خطبة وضّح فيها مأساة أهل البيت (عليهم السلام) ومظلوميتهم وما لاقوه من الظلم والاضطهاد على أيدي الاُمويين. ثم سار بأهله ودخل المدينة المنورة وأخذ يمارس دوراً جديداً، سائراً على النهج الإصلاحي والثقافة الإسلامية؛ لأنه كان يعلم أن هذا الطريق هو الطريق الشرعي لحماية الرسالة والحفاظ عليها، مغتنماً فرصة انشغال الحكم الاُموي وعملائه الخونة بإخماد الانتفاضات الإسلامية الرافضة لحكمهم التعسفي.

ثم وصلت نوبة الحكم الى الوليد بن عبد الملك، وحيث استمر الإمام زين العابدين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أقضّ مضاجع الطغاة فقرر الوليد بن عبد الملك إيقاف مسيرة الإمام، وقد كانوا من قبل قد أرهبوا وأرعبوا الشيعة بالقتل والتشريد، لكنهم فشلوا في كل ذلك. فتم من ثم الإتفاق على تصفية الإمام السجاد (عليه السلام) عن طريق دسّ السم إليه بواسطة أحد أزلام النظام الاُموي، وذلك في زمن الوليد الاُموي، فمضى إمامنا مسموماً مقتولاً شهيداً في ۲۵ محرم الحرام، ۹۵هـ فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيّاً.