بيان أساتذة وفضلاء مدرس استاذ الفقهاء والمجتهدين الميرزا جواد التبريزي(ره) …

بيان
أساتذة وفضلاء مدرس استاذ الفقهاء والمجتهدين الميرزا جواد التبريزي(ره) بمناسبة
شهادة سماحة الشيخ حسن شحاتة وثلاثة من المؤمنين الأخيار

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله باسط العدل ومقيم القسط وأفضل الصلاة وأزكى التسليم على رسول السلام ، وآله أهل بيت الرحمة والعفو والصفح ، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين وبعد :
فقد تلقينا نبأ الجريمة النكراء والاعتداء الآثم ، والاغتيال الغادر الذي وقع بحق كوكبة من شيعة أهل البيت عليهم السلام في مصر الكنانة وعلى رأسهم المستبصر بنور الهداية والولاية الشيخ الشهيد حسن شحاتة ، من قبل زمرة ظلامية و طغمة إرهابية بكل أسى و ذهول في آن معا ، وذلك لما اتسم به هذا الحادث المأسأوي والحدث المفجع من انتهاك صارخ لكل شريعة سماوية و قوانين دنيوية وأخلاق إنسانية ، بل ولكل غرائز فطرية سوية يمكن أن يتصف بها أي كائن حي على وجه المعمورة ، ومن هنا أحببت أن أصوب وجهة خطابي في هذه المرحلة الشائكة ، نحو جهة التركيز والتأكيد على مضامين أربعة :
۱- المضمون الأول :
وجوب الأخذ بهدي النبي الخاتم صلى الله عليه وآله ونهج أهل بيته الطاهرين عليهم السلام في تعريف الإسلام عقيدة وخلقا وفكرا ، فالإسلام هو السلام واحترام حقوق الإنسان أي إنسان حتى المخالف لنا في المعتقد والديانة والرأي ، بكل تجليات هذا الاحترام الممكنة والمتصورة في الأذهان الكاملة والعقول الفاضلة ، وعلى هذا أجمع المسلمون واتفقوا فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ) صحيح البخاري ۱۸ وصحيح مسلم ۱۴۸ ، وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام لما بعث مالك الأشتر وولاه على مصر وأهلها ما نصه :
(الناس صنفان إما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق يفرط منهم الزلل ، وتعرض لهم العلل ، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب أن يعطيك الله من عفوه وصفحه ) . نهج البلاغة ۳۸۴
فإذا عرفنا أن الإسلام هو كف الأذى وقبض اليد عن أي ظلم وجور تصل نوبته للآخر ، علمنا فداحة ما جرى على هؤلاء المظلومين والأبرياء وعظم المظلومية التي اكتنفت هذا المصاب الأليم من جهة ، ومن جهة أخرى علمنا إعراض أطراف الجريمة عن أصول الإسلام بل ومخالفتهم لبديهيات الدين ، التي لا يختلف عليها اثنان من أهل الدين والعقل .
۲- المضمون الثاني :
أهمية التذكير بخطر الفكر السلفي الذي يقوم على دعامة الإقصاء ، لكل من يخالفه في الرأي والطرح وتكميم أفواهه وإخماد صوته ، علما أن هذا الإقصاء لا ينحصر فقط بالشيعة بل يمتد خطاه ليشمل حتى الآخر السني ، ودونك موقفهم من الأشاعرة والصوفية وغيرهم دليلا دامغا و علامة بينة على نزعتهم التكفيرية التدميرية لكيان الأمة و مكوناتها وأطيافها وشعوبها ، فالحذر الحذر من انتشار هذا الفكر وتسرب هذه الثقافة إلى صفوف الأمة و جماهيرها ، حفاظا على هوية الدين وتقارب المسلمين وتعايشهم بكل أمان واستقرار و احترام جنبا إلى جنب في أوطانهم العزيزة .
۳- المضمون الثالث :
إننا نرفع الصوت عاليا لكل المؤسسات الدينية الكبرى والمراكز العلمية العظمى ، في عموم العالم الإسلامي بما فيه مصر الحضارة العريقة والتأريخ الضارب في جذور الأرض ، الحاوية للأزهر الشريف بما يختزل من رمزية و موقعية أساسية في المشهد الديني الإسلامي العام ، طامحين منهم التصدي لأصوات الفتنة وأبواق الفرقة بين المسلمين والمجابهة لهم بكل الوسائل الممكنة والمتاحة ، وذلك لمحاصرة هذه القيم الهدامة الطارئة على مجتمعاتنا و أوطاننا ، ولعزل هذا التيار الشاذ وبيان تخلفه عن ركب الأمة وآمالها و آلامها ، وآخيرا للحفاظ على لحمة الشعوب و مصالحها ، بما يحقق المقاصد والنتائج التي يطمح إليها كل جماعة صالحة ، تنشد التقدم والتنمية في كل مفاصل حياتها .
۴- المضمون الرابع :
أملنا من الشيعة الأبرار الذين كانوا ولا يزالون يتعالون على الجراح ويعضون عليها ، هوالتجسيد العملي لما وجهونا له وأمرونا به أئمة أهل البيت عليهم السلام في أوقات الفتن ، والأزمات والمحن من صبر عليها و ووأد لها و تغلب عليها بمكارم الأخلاق وروائع الصبر ، مع الآخر وهذا ما أضاءت عليه أكثر من رواية عنهم عليهم السلام منها :
(عن أبي عبد الله جعفر بن محمد صلوات الله عليه أنه قال لبعض شيعته يوصيهم : وخالقوا الناس بأحسن أخلاقهم ، صلوا في مساجدهم ، وعودوا مرضاهم ، وأشهدوا جنائزهم ، وإن استطعتم أن تكونوا الأئمة والمؤذنين فافعلوا ، فإنكم إذا فعلتم ذلك ، قال الناس : هؤلاء الفلانية رحم الله فلانا ما كان أحسن ما يؤدب أصحابه ) . جامع أحاديث الشيعة ۱۵ ۵۰۹
ومنها ما جاء عن أمير المؤمنين عليه السلام : ( كن في الفتنة كابن اللبون ، لا ظهر فيركب ولا ضرع فيحلب ) بحار الأنوار ۶۶۴۰۸
وفي عصرنا الحاضر لا يوجد حبل ينتهي بنا إلى بقية آل محمد عليه السلام ، إلا المراجع العظام فإنهم أصول اليقين ، وحماة شريعة سيد المرسلين ، فاللازم التمسك بكلمتهم و التوحد تحت رايتهم ، والاجتماع على ضوء بياناتهم و مواقفهم الرشيدة ، لتحصيل رضا ولي الله الأعظم عجل الله تعالى فرجه الشريف الذي قال في حقهم : ( وأما الأحاديث الواقعة ، فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله ) . وسائل الشيعة ۲۷۱۴۰
وفي الختام : نسأل الله العلي القدير للشهداء السعداء لا سيما الشيخ حسن شحاتة رحمه الله رفعة الدرجات ، واللحوق بالصديقة الشهيدة عليها السلام وأبيها وبعلها وبنيها حافظي أسرار الرسالات ، والتفضل على أهل الشهداء وذويهم بالصبر والسلون ، إنه خير ناصر ومعين ، وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين .

قم المقدسة- شعبان ۱۴۳۴