الميرزا التبريزي(قده) وبساطة العيش
بساطة العيش
الميرزا التبريزي(قده) وبساطة العيش
كان الفقيه المقدس الميرزا التبريزي(ره) يمارس حياته اليومية في أبسط ظروف المعيشة وكل من كان يلاحظ غرفته الشخصية يلمس ذلك بوضوح فقد كان يقضي أيامه في غرفة تحتوي على سرير عادي جداً ولوازمه البسيطة ومجموعة من الكتب وبعض الاُمور البسيطة مما يحتاج اليه. وربما زاره بعض مقلديه وحينما كان يرى بساطة العيش التي عليها الميرزا+ كان يسارع الى شراء الهدايا الفاخرة (سرير قيّم لحف فاخرة ووسائل الراحة وغيرها) ليقدمها للشيخ لكن حينما كانت تصل الى الشيخ فانه كان يأمر ببيعها وشراء اُمور ضرورية أو يقوم بإهداءها لبعض من كان يفد اليه بعد تبريكها.
كان يحب استخدام وسائل العيش البسيطة ويعرض عن الوسائل الدنيوية الفاخرة, يقول نجل الميرزا+: أرسل أحد مقلدي الميرزا(ره) من السعودية بهدية الى الميرزا+ عبر أحد المشايخ الحجازيين وكانت عبارة عن مجموعة من وسائل الراحة (سرير وثير ولحاف فاخر و…) وكانت ذات جودة عالية وثمن غال وطلب من الوسيط أن يخبر الميرزا(ره) بأن المهدي يصر على وضع هذه الهداية في خدمة الميرزا (ره) ليستفيد شخصياً منها. يتابع نجل الشيخ قائلاً: فحضرت عند الشيخ الوالد وعرضت عليه إصرار ذلك المهدي على الاستفادة الشخصية للميرزا من تلك الهدايا فقبل الوالد وبناء على ذلك فقد قمت بإخراج السرير القديم وتهيئة الغرفة بالوسائل الجديدة وقام الوالد باستخدام تلك الوسائل الجديدة. ولما كان الغد تفاجئت بطاقم الغرفة القديم قد اُعيد الى وضعه الأول، أما الوسائل الجديدة فقد اُخرجت من الغرفة ولما رآني الوالد قال لي: بني انني لا استطيع النوم على تلك الوسائل الجديدة! دعني أعيش بتلك الوسائل البسيطة المناسبة لشأن علماء الدينكانت احتياجات الوالد تؤمن من الهدايا والتحف التي تصل اليه من المريدين أو التي ترسل معنا عبر أسفارنا أو التي يقدم بها المريدين من خارج ايران لرؤية الوالد, وقد كانت حياته كسابق عهدها فقد كان يتحمل مشقة الذهاب الى درسه من بيته الى المسجد الأعظم راجلاً ككثير من طلبة العلم (قبل عروض المرض عليه), ولم يكن يسمح لأحد بالمشي خلفه فراراً من تشكيل حاشية وحشم,تحمّل جميع مصاعب الحياة البسيطة ومشاقها ليواسي بذلك طلبة العلم ويشعروا بأن لهم أباً لا يختلف عنهم في طريقة العيش, وإن اضطر في آخر عمره الشريف بسبب سوء حالته الصحية الى ركوب السيارة في ذهابه الى الدرس حيث كان سرعان ما يصاب بالزكام وهو أمر خطير بالنسبة لوضعه.
ومع ذلك فقد رفض استقلال سيارة كان قد أهداها له بعض مريديه من خارج ايران وراح يتردد على مجلس الدرس بسيارته القديمة, وأحياناً يتوقف في مسيره الى الدرس ليصعد بعض طلبته الى الدرس أو يصطحبهم معه بعد انتهاء الدرس ليوصلهم في طريقه الى مقصدهم. ويتعامل مع طلبة العلم بكامل العطف والمحبة الابوية وطالما كان يخاطبهم بـ>عزيزي< في مجلس الدرس.
حقاً كان خيمة على رؤوس تلامذته بحيث أحدث فقدانه خللاً واضحاً بينهم فقد أحس فضلاء طلبته بخسارة كبيرة بفقده وعلى حد تعبير كثير منهم فقد صارت الحوزة يتيمة بعد فقد الميرزا التبريزي(ره).
لقد كان من الفقاهة بحيث ما أن يسأل عن أمر حتى يبادر الى الجواب لفوره من دون تردد وهي حالة يقل نظيرها بين الفقهاء ويفصّل في المطلب بحيث لايبقي مجالاً للسؤال والغموض,كانت عباراته غنية بالفوائد واللفتات المفيدة, فكان يعدّ تلامذته اعداداً يشعرون من خلاله بالاطمئنان والرغبة الشديدة في الدرس, طابت ذكراه وسعدت روحه.