التبريزي قدس سره قدوة العلماء
ورد عن الرسول صلى الله عليه وآله ـ إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم ـ وورد عنه: أفاضلكم أحسنكم أخلاقاً الموطئون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون ـ لقد كان الأُستاذ الجواد التبريزي قدسسره مثالاً للشمائل المحمدية والأخلاق النبوية، ومن خلال معاشرتنا له اكتسبنا وتعلمنا منه مجموعة من الفضائل والقيم الروحية والتربوية نشير إلى بعض منها:
لف ـ الحنان الأبوي: لقد كان أباً حقيقياً لتلامذته فهو شديد العناية بالطلبة، كثير الابتسامة وافر الحنان والعطف الأبوي يسأل عن تلامذته إن غابوا، ويشجعهم على السؤال والمناقشة إن حضروا، ويدفعهم لكتابة البحوث والتعليق على آراء الأعلام.
ب ـ التواضع: لم يكن يعيش الشيخ المقدّس أي تكلّف في حياته فقد كان يستقبل الطلاب في كل وقت، ومن دون مواعيد مسبقه، وتراه عند أول الصباح إذا دخلت عليه المجلس يصنع لنفسه الشاي، ويحضر طعام الفطور ويجلس ليأكل مع من حضر من طلاّبه، وعندما أقبلت عليه المرجعية لم تغير من لباسه البسيط ولا من مكان مجلسه، ولا من طريقة حياته فهو يمشي وحده للمسجد الأعظم للتدريس، ويخرج قبل الفجر وحده للحرم المشرف.
ج ـ نبذ الغرور: كان يوصي طلبته الأذكياء البارزين بعدم العجلة في الإشكال على كلمات الأعلام، وأن عليهم أن يتأملوا في الرأي مراراً وتكراراً وعرضه على أهل الدقة والتأمل، فإن لم يجدوا له وجهاً وضعوه موضع التأمل، كما كان يوصي بعدم الاستعجال في دعوى الفقاهة وأهلية الرأي فإنه كما يقول يسيء لسمعة الطالب ويسيء للحوزة العلمية؛ لأنه يوجب الجرأة على المقامات العلمية الخطيرة.
د ـ اغتنام الفرصة: لم يكن يرضى الأُستاذ بقضاء الوقت في الحديث عن الناس أو عرض القضايا الشخصية، وكان يصرّ على جلسائه باغتنام كل دقيقة من الجلسة في طرح المسائل الفقهية والمعارف العقائدية أو الاشتغال بالذكر، حتى في سفراته أو رحلاته لا يرضى بقضاء الوقت في الترفيه وإنما يشغله دائماً بمذاكرة العلم والمعارف.
هـ ـ احترام الكفاءة العلمية: لم يكن احترام الأُستاذ وتبجيله لأهل العلم على أساس العائلة أو الوجاهة الاجتماعية، وإنما كان على أساس الكفاءة العلمية، فتراه عندما يدخل عليه أحد الطلبة من أهل الفضل والدقة فإنه يحترمه ويقبل عليه، وإن لم يكن معروفاً ولا من عائلة معروفة، في حين لا يعطي هذا الاهتمام الكبير للمعمّم الذي لا ميزة له إلاّ أنه ابن العائلة أو صاحب وجاهة اجتماعية ما لم يكن مشغولاً بخدمة المؤمنين وترويج العقيدة، وكم له من الفضائل والمناقب التي يصعب حصرها، نسأل اللّه تعالى أن يوفقنا للسير على نهجه الخلقي الفاضل.
السيد منير الخباز
جمادى الأُولى سنه ۱۴۳۱ هـ . ق