المشهور بين العلامة والمتأخرين عنه ـ على ما قيل ـ عدم جواز زبيع المصحف من الكافر، حتى بالوجه الذي يجوز بيعه من المسلم بذلك الوجه، واحتمل المصنف «ره» أن يكون مستندهم في عدم الجواز أمرين (الأول) فحوي ما دلّ على عدم جواز تملك الكافر المسلم.
(أقول) الفحوى ممنوعة، فانّه لو كان أصل الحكم ثابتاً بأن لا يصح تملك الكافر العبد المسلم، فهو باعتبار أن ـ ملك الكافر المسلم وعدم تمكن المسلم على تصرفاته وأفعاله إلاّ برخصة منه ـ ولاية للكافر على المسلم، ولا يجري ذلك في ملك الكافر المصحف، وبعبارة أخرى لو لم يكن هذا هو الملاك جزماً فلا أقل من احتمال كونه الملاك، ومعه لا يمكن دعوى الفحوى. وأمّا أصل الحكم فانّه روي الشيخ «ره» في نهايته عن حماد بن عيسى عن أبي عبداللّه (ع) أنّ أميرالمؤمنين (ع) أتى بعبد ذمي قد أسلم، فقال: إذهبوا فبيعوه من المسلمين وادفعوا ثمنه إلى صاحبه، ولا تقروه عنده فيقال ظاهر هذه الرواية عدم سلطان للكافر على اقرار المسلم في ملكه.
وفيه أنّه لابدّ في المسألة من الاعتماد على وجه آخر، فانّ هذه الرواية لضعف سندها بالرفع لا يمكن الاعتماد عليها (لا يقال): سند الشيخ إلى حماد مذكور في المشيخة، وليس فيه ضعف (فانّه يقال) لم يحرز أنّ الشيخ رواها في النهاية عن كتاب حماد، وملاحظة المشيخة تنفع فيما إذا أحرز أنّ روايته عن كتابه، والإحراز بالإضافة إلى روايات التهذيب والاستبصار فقط، لذكره في أول التهذيب ببدء الرواية باسم صاحب الكتاب الذي يروي عنه، وبدؤه ـ «ره» في التهذيب بمحمد بن يحيى مرفوعاً عن حماد ـ قرينة على عدم أخذه الرواية من كتاب حماد وإلاّ لكان المناسب بدء السند به لا بمحمد بن يحيى ولعل قوله سبحانه «لن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً» كاف في ذلك الحكم، فتأمّل.
(الأمر الثاني) قوله (ع): (الإسلام يعلى ولا يعلو عليه) أقول هذا نبوي مرسل، ولا يمكن الاعتماد عليه، ومدلوله إن كان اثبات العلو للإسلام بحسب مقام الإثبات والبرهان، فهذا صحيح، ولكن لا يرتبط بالمقام، وإن كان علوه بحسب تشريع الأحكام، فهذا لا يقتضي عدم جواز بيع المصحف للكافر، فانّ مجرد تملكه لا يكون علواً للكفر على الاسلام، كما أنّ مجرد تملك مسلم الإنجيل لا يكون علواً للإسلام على الكافر. نعم لا يجوز اعطاء المصحف بيد الكافر، فيما إذا كان الإعطاء تعريضاً للمصحف الشريف للنجاسة الموجبة لهتكه، وهذا غير بحث الملكية الحاصلة بالبيع ونحوه.
المحترم لأسمائه
بناءً على تسرية الحكم، فلا يجوز بيع الدراهم من الكافر، حتى فيما إذا لم تكن مالية للسكة الموجودة عليها، كالدراهم المأخوذة للتبرك والمكتوب عليها اسم النبي (ص) أو غيره من المعصومين (ع)، فإنّ بيعها باعتبار موادها أي الذهب والفضة وإن كان نظير بعض الحلويات أو الصابون المصنوع بصورة الحيوان، فيباع في السوق باعتبار موادها، إلاّ أنّ المفروض في المصحف عدم جواز بيعه من الكافر، حتى باعتبار أوراقه وحديده، ولازم التعدي إلى الدراهم المفروض التبرك بسكتها عدم جواز بيعها حتى باعتبار مادتها.