وذلك؛ فإنّ التجارة مصدر ثان لتجر أو اسم مصدر، ومعناها البيع والشراء بغرض الربح، فيطلق التاجر على من تكون حرفته البيع والشراء وتحصيل الربح بهما، وكيف كان فلا تعمّ التجارة ما إذا لم يكن البيع أو الشراء بقصد الربح، فضلاً عن الأعمال التي يكون الشخص أجيراً عليها،
وهذا بخلاف المكاسب، فإنّه جمع مكسب: بمعنى ما يطلب به المال، فيعمّ مثل تلك الأعمال.
لا يقال: لماذا سمي الشيخ الانصاري ره كتابه المكاسب مع انه قد وقع البحث في الكتاب عن حرمة بعض الأعمال وحلّها مع عدم تعارف كسب المال بها، كالبحث عن حرمة الغيبة وسبّ المؤمن، وكما يقال إنّ البحث فيها استطرادي، كذلك يمكن أن يكون المهمّ في المقام البحث في الأعيان المحرّم والمحلّل بيعها وشراؤها، وكذر غيرها للاستطراد، فلا موجب لعنوان الكتاب بالمكاسب.
فإنّه يقال: قد ذكرنا أنّ عنوان الكتاب بالمكاسب أولى لا أنّه متعيّن، مع أنّ الالتزام بكون المقصود بالبحث تلك الأعيان فقط غير سديد، وإلا لكان ذكرها في شرايط العوضين من كتاب البيع أولى من إفرادها، والبحث فيها مقابل كتاب البيع، وهذا بخلاف ما لو كان المقصود بيان المكاسب المحرّمة وتمييزها عن المحلّلة منها، سواء كان الكسب بالأعيان أو المنافع والأعمال، حيث أنّ افرادها والبحث فيها مستقلاً أنسب.