[۱] لا ينبغي التأمّل والريب في جواز اغتياب المخالف وسائر فرق الشيعة فيما إذا كان خلافهم أو مخالفتهم الحقّ بنحو التقصير، ولو بتركهم الفحص عن الحقّ، فإنّهم في هذه الصورة من أظهر أفراد الفسّاق والمتجاهرين بفسقهم، إذ التجاهر بترك الولاية الحقّة لا يقصر عن التجاهر بترك سائر الواجبات وارتكاب المحرّمات الموجب لجواز الاغتياب على ما سيأتي، كيف؟ وأنّ الولاية من عماد الدّين، وأهمّ ما بني عليه الإسلام، على ما في الروايات المعتبرة، وبعضها مروية في الباب الأول من أبواب مقدمات العبادات، بل لا يبعد اندراج المخالفين وسائر الفرق في أهل البدع والريب، مع تصيرهم أو مطلقاً، حيث ينسبون إلى الشريعة والرسول الأكرم ما يبرأ منه الرسول (ص)، فيعمّهم مثل صحيحة داود بن سرحان، عن أبي عبداللّه (ع) قال: قال رسول اللّه (ص): «إذا رأيتم أهل البدع والريب من بعدي، فأظهروا البراءة منهم، وأكثروا من سبّهم والقول فيهم والوقيعة، وباهتوهم، كيلا يطمعوا في الفساد في الإسلام» الحديث.
انّه لا يترتب على المخالفين إلا قليل من أحكام الإسلام، وترتّب هذا القليل لأجل توقّف نظام معاش المؤمنين عليه، ومن ذلك حكم الشارع بعدم انفعال ما يلاقيهم بالرطوبة، وحلّ ذبائحهم، وحلّ مناكحتهم، وحكمه باحترام دمائهم. وهذا الاحترام لأجل أن لا يوقعوا المؤمنين في الفتنة، وكحكمه بحرمة نسائهم، باعتبار أنّ الشارع أمضى لكلّ قوم النكاح المرسوم عندهم.
أقول: كلّ حكم ترتّب في لسان الأدلّة على الإسلام أو عنوان المسلم يترتّب عليهم، كما يترتّب على المؤمنين، وهذا ليس بقليل، فيثبت التوارث بينهم وبين المؤمنين، ويجب علينا تجهيز موتاهم، وهكذا. نعم، الخلود إلى الراحة بعد الموت والدخول في الجنة في الدار الآخرة وغير ذلك من آثار الاطاعة والإيمان لا يثبت في حقّهم، لبطلان أعمالهم باعتبار عدم التزامهم بالولاية التي شرط صحّة الأعمال على الأظهر، وهذا أمر آخر.
ثم الظاهر دخول الصبي المميز.
لا يبعد شمول المراد من البعض في قوله سبحانه: «لا يغتب بعضكم بعضاً» الصبي المميز أيضاً، غاية الأمر أنّ ما دلّ على رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم يقضتي خروجه عن المراد بالبعض الأول، وليس في البين ما يدلّ على تساوي البعضين في المراد، بل يكون في البين ما يقتضي عدمه، حيث انّ المتجاهر بالفسق خارج عن المراد من البعض الثاني، وداخل في المراد من الأوّل كما لا يخفى. نعم في شمول الآيات والروايات للمجنون بل الصبي غير المميز تأمّل، ولا يبعد انصرافهما عنهما.