الثواب على الواجبات الغيرية

اللزوم على اللّه (سبحانه) وفاءاً لوعده، فهذا يجري في بعض الواجبات الغيرية التي ورد الوعد بالثواب عليها كالخروج إلى مثل الحجّ.

وإن كان المراد من استحقاق الثواب على امتثال الأمر النفسي اللزوم على اللّه (سبحانه) نظير استحقاق الأجير الأجرة على المستأجر والعامل على من أمره بعمل فيما إذا أتى الأجير أو العامل بالعمل المستأجر عليه أو المأمور به، ففي ثبوت هذا الاستحقاق على امتثال الأمر النفسي تأمّل، بل منع، إذ العقل لا يحكم على اللّه (سبحانه) بشيء إزاء طاعة العبد وعمله بوظيفته المقرّرة له من اللّه (سبحانه) بعد كونه ولي النعم والمنعم الحقيقي على العبد.

وإن أُريد من استحقاق العبد أنّ قيامه بوظائفه ورعاية ولاية خالقه موجب لأن يقع مورد التفضّل منه تعالى من غير وجوب شيء عليه، كتفضّله عليه بجعل توبة العبد كفّارة لذنبه، فهذا صحيح إلاّ أنّ نفي الاستحقاق بهذا المعنى في موارد امتثال الأمر الغيري محلّ تأمّل؛ لاستقلال العقل بحسن التفضّل والإحسان إلى من يأتي بالمقدّمة قاصداً بها التوصّل إلى امتثال التكليف المتوجّه إليه وأن الإتيان بها كذلك يوجب تقرّب العبد إليه (سبحانه) فيما إذا لم يوفّق إلى إتيان الواجب النفسي لطروّ العجز بعد الإتيان بها لعارض آخر.

وعليه لا مجال في الفرض لدعوى أنّ زيادة الثواب من باب كون ذي المقدّمة من أشقّ الأعمال، كما ورد في الثواب على بعض المقدّمات.

نعم، يبقى في الفرض دعوى أنّ استحقاق المثوبة في الفرض من جهة الانقياد والقصد إلى الإتيان بالواجب النفسي، ولذا لو لم يكن في البين قصد التوصل بل مجرّد الإتيان بمتعلّق الواجب الغيري لتعلّق الأمر الغيري به لما كان في البين حكم بالاستحقاق، كما إذا أتى بالمقدّمة مع تردّده في عصيانه وطاعته، بالإضافة إلى الواجب النفسي بعد ذلك.

ولكن يمكن دفعها بوجدان الفرق بين المكلّف الذي يأتي بالمقدّمة بقصد التوصّل إلى ذيها ولكن طرء العجز عليه بعد الإتيان بها، وبين المكلّف القاصد لإتيان المقدّمة توصّلاً إلى ذيها ولكن طرء العجز عليه قبل الإتيان بالمقدّمة بتحقّق الامتثال ولو ببعض مراتبه في الأوّل وعدمه في الثاني، وإن كان الانقياد بقصد الطاعة فيهما على حدٍّ سواء، اللّهم إلاّ أن يقال مع طريان العجز بذي المقدّمة لا يكون بينهما فرق إلاّ في مراتب الانقياد، والفرق بين مراتب الانقياد كالفرق بين مراتب التجرّي أمر ممكن غير منكر، ومع ذلك كلّه فكون الإتيان بالمقدّمة بقصد التوصّل بها أو بقصد امتثال الأمر بها غيرياً موجباً لوقوع العبد موقع التفضّل عليه مما لا ينكر