فی محضر الاستاذ – مدرس آیت الله العظمی میرزا جواد تبریزی ره http://portal.tabrizi.org Wed, 25 May 2011 10:52:21 +0000 fa-IR hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.6.2 النميمة محرّمة بالأدلّة الأربعة http://portal.tabrizi.org/?p=2676 Wed, 25 May 2011 10:52:21 +0000 http://tabrizi.org/ar/?p=2676 gossip

كما هو مقتضى ورود اللعن والوعيد عليه بالعذاب في الكتاب المجيد، قال عزّ من قائل: «ويقطعون ما أمر اللّه به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار». والنمام قاطع لما أمر اللّه به أن يوصل من تأليف قلوب المؤمنين وبسط المحبة فيما بينهم. وفيه أنّ ظاهر أمر اللّه بصلته وجوبها. ومن الظاهر عدم وجوب الصلة مطلقا، فلا دلالة للآية على حرمة النميمة في غير مورد الصلة الواجبة.

وبعبارة أخرى غاية ما يستفاد من الآية حرمة النميمة بين شخصين أو أشخاص يكون كل منهما أو منهم مكلفاً بالصلة مع الآخر أو الآخرين، بل يمكن أن يقال: ظاهر الآية حرمة قطع الصلة بأن يترك الصلة مع ذي رحمه، ولا نظر لها إلى النميمة أصلاً، كما أنّ مجرد النميمة لا تكون فساداً في الأرض، كما إذا أوقع الخلاف بين المتحابين من غير أن يترتب على التفرقة بينهما فساد آخر، فان هذا الايقاع نميمة، ولكن لا يصدق عليه أنّه فساد في الارض، وكذا الحال في الآية الثانية، فان ظاهرها ـ بملاحظة صدرها ـ ايقاع الفتنة بين المؤمنين وتفريق صفوفهم في مقاب الكفار، فان هذا أكبر من قتل المؤمن. ولا يترتب ذلك على كل نميمة حتى تقتضي حرمتها مطلقا، قال عزّ من قائل: «يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل اللّه وكفر به والمسجد الحرام واخراج أهله منه أكبر عند اللّه والفتنة أكبر من القتل»

وبتعبير ثالث لا يكون مطلق ايقاع الخلاف بين اثنين أكبر من قتل المؤمن والتعبير بأنّها أكبر من القتل قرينة واضحة على أنّ المراد بها الفتنة الخاصة، وهي ايقاع الخلاف والتشتت في صفوف المسلمين، بداعي تضعيفهم في مقابل الكفار.

ويستدل أيضاً على حرمتها بقوله سبحانه: «هما زمشاء بنميم» وعن السيد الخوئي طال بقاه أنّ مدلولها حرمة المبالغة ولا بدونها، بل هي واردة في بيان حكم آخر، وهو عدم جواز الاتباع والطاعة للحلاف الهماز المشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم.

نعم لا ينبغي الريب في حرمتها مطلقا ويكفي في اثباتها الروايات: كصحيحة علي بن جعفر عن أبي الحسن (ع)، قال: «حرمت الجنة على ثلاثة مدمن خمر، والنمام، والديوث وهو الفاجر» وصحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع)، قال: «الجنة محرمة على القتاتين المشائين بالنميمة»

لا عبرة في صدق النميمة بكراهة الكشف، بل المعيار في صدقه نقل ما يكون وقيعة بين المنقول عنه والمنقول إليه.

]]>
الكذب لدفع الضرر http://portal.tabrizi.org/?p=2521 Sat, 23 Apr 2011 11:32:33 +0000 http://tabrizi.org/ar/?p=2521 mhzar-olama

ثمّ إنّه وإن اعتبر في تحقق الاضطرار إلى الكذب عدم التمكن من التورية، فانّ الاضطرار إلى الجامع بين الكذب والتورية من قبيل الاضطرار إلى شرب أحد ما يعين لرفع عطشه المهلك، وأحدهما متنجس والآخر طاهر في أنّ الاضطرار إلى الجامع ـ باعتبار إمكان ايجاده في ضمن فرده الحلال ـ لا يكون من الاضطرار إلى الحرام، إلاّ أنّه في المقام روايات يستفاد منها عدم اعتبار العجز عن التورية في جواز الكذب.

(منها) ـ صحيحة اسماعيل بن سعد الأشعري عن أبي الحسن (ع) (عن رجل يخاف على ماله من السلطان، فيحلف لينجو به منه، قال: لا جناح عليه، وسألته هل يحلف الرجل على مال أخيه كما يحلف على ماله؟ قال: نعم» وموثقة زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع): «نمر بالمال على العشار، فيطلبون منّا أن نحلف لهم ويخلون سبيلنا، ولا يرضون منّا إلاّ بذلك؟ قال: فاحلف لهم فإنّه أحل من التمر والزبد» فإنّه وإن لم يذكر كذب الحلف فيهما، إلاّ أنّه المراد، فانّ السؤال عن جواز الحلف صادقاً لدفع الضرر بعيد، خصوصاً بقرينة الجواب بأنّه أحل من التمر والزبد، وفي رواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي (ع)، قال قال رسول اللّه (ص): «احلف باللّه كاذباً ونج أخاك من القتل» إلى غير ذلك.

ومقتضى اطلاق مثل هذه عدم الفرق في جواز الحلف لدفع الضرر، بين التمكن من التورية وعدمه، وفي مقابل ذلك رواية سماعة عن أبي عبداللّه (ع) قال: «إذا حلف الرجل تقية لم يضره إذا هو أكره أو اضطر إليه، وليس شيء ممّا حرم اللّه إلاّ وقد أحله لمن اضطر إليه» فإنّ مقتضى مفهومها عدم جواز الكذب مع عدم الاضطرار والاكراه، كان في البين دفع ضرر أو لا، والنسبة ـ بينهما وبين الروايات المجوزة للكذب لدفع الضرر ـ العموم من وجه، فانّه يشمل مفهوم هذه ما إذا لم يكن في الكذب دفع الضرر، كما تشمل تلك الروايات ما إذا كان دفع الضرر منحصراً بالكذب كما في فرض الغفلة عن التورية، ويجتمعان فيما إذا لم ينحصر دفع الضرر بالكذب كما في فرض التمكن من التورية، فانّ مقتضى المفهوم عدم جوازه لعدم الاضطرار إليه، ومقتضى تلك الروايات جوازه وبما انّ دلالة كل منهما بالاطلاق فيسقط الاطلاق من الجانبين، ويرجع إلى اطلاق دليل حرمة الكذب.

(لا يقال) لا وجه لسقوط الاطلاق منهما فيما إذا كانت في البين قرينة على دخول مورد الاجتماع في مدلول أحدهما، فانّ لزوم حمل الروايات المجوزة على الصورة النادرة وهي عدم التمكن من التورية قرينة على التحفظ باطلاقها، (فانّه يقال) لا يكون عدم التمكن من التورية ولو باعتبار غفلة المتكلم عنها نادراً. اللّهمّ إلاّ يقال: إنّ مفهوم رواية سماعة اخص مطلق بالاضافة إلى الروايات المتقدمة، فانّ قوله (ع) فيها (إذا حلف الرجل تقية) لا يعم غير موارد دفع الضرر، فيكون تعليق جواز الكذب فيه على الاضطرار بالقضية الشرطية ظاهراً في عدم جواز دفعه به، مع عدم الاضطرار، ويقيد به اطلاق الروايات السابقة، ولعله لذلك أمر المصنف «ره» بالتأمّل، ولكن الأظهر عدم اعتبار العجز عن التورية في جواز الكذب، فانّ بعض روايات الحلف كاذباً قد وردت في دفع الضرر المالي عن الغير، كما في صحيحة اسماعيل المتقدمة، ومثل هذه لا تكون من مورد الاضطرار، لأنّ دفع هذا الضرر عن الغير لا يكون واجباً ليتحقق عنوان الاضطرار إليه. ومقتضى اطلاق الصحيحة جواز هذا الحلف مع التمكن من التورية وعدمه، وبهذا يرفع اليد عن اطلاق مفهوم رواية سماعة، فيقال: لا يجوز الكذب من غير اضطرار إلاّ الكذب لدفع الضرر المالي عن الغير، فانّه جائز مع التمكن من التورية وعدمه، وإذا جاز الكذب لدفع الضرر المالي عن الغير مع التمكن منها جاز لدفع الضرر عن نفسه أيضاً، لعدم احتمال الفرق في الجواز وعدمه بين دفع الضرر عن نفسه وغيره.

هذا مع أنّ رواية سماعة ضعيفة سنداً لا يمكن الاعتقاد عليها. وذكر الايرواني «ره» في وجه جواز الكذب لدفع الضرر مع التمكن من التورية وعدم انّ الكذب عبارة عن التلفظ بالفاظ والقصد إلى معنى منها لا يطابق الواقع والاكراه على الكل كما يكون رافعاً لحرمة الكل كذلك الاكراه على الجزء يكون رافعاً لحرمته التبعية، وبما أنّ الألفاظ المزبورة جزء

من الكذب بل عمدته، وباعتباره الاكراه أو الاضطرار إليها ترفع حرمتها التبعية فيجوز قصد المعنى منها لأنّ مجرد قصد المعنى بدون التلفظ ليس بحرام، والتلفظ في الفرض باعتبار ارتفاع حرمته كالعدم، فيكون الفرض كما إذا كان في البين القصد المجرد.

ولكن لا يخفى ما فيه، فأنّ مجرد التلفظ بالألفاظ لا يكون محرماً ولو تبعاً حتى ترتفع حرمته بالاكراه أو الاضطرار، كما هو حال الجزء في سائر الموضوعات المحرمة المركبة وإنّما يكون الجزء حراماً ضمناً مع حصول الكل، فتكون الألفاظ محرمة في خصوص فرض قصد معنى منها لا يطابق ذلك المعنى الواقع، ومع التمكن من التورية يكون الاضطرار أو الاكراه على الجامع بين الحلال والحرام، فيعود الكلام السابق.

ثم انّ أكثر الأصحاب مع تقييدهم جواز الكذب[۱].

[۱] هذا اشكال على أكثر الأصحاب المعتبرين في جواز الكذب العجز عن التورية. وحاصله أنّهم فرقوا بين الكذب في الحلف والخبر، وبين المعاملات وسائر الأقوال المحرمة كالسب والتبري، حيث اعتبروا العجز عن التورية في جواز الأول دون الثاني، فانّه لا تصح المعاملات المكره عليها، ولا يكون السب أو التبري محرماً مع الاكراه حتى مع التمكن من التورية، فيقال عليهم بأنّ المكره بالفتح على البيع مثلاً مكره على التلفظ لا على إرادته، فإذا أراده مع تمكنه على التورية يكون البيع باختياره ورضاه، فاللازم الحكم بصحته ودافع عنهم المصنف «ره» بأنّ المجوز للكذب في الحلف أو في الاخبار طرو عنوان الاضطرار، وتحقق هذا العنوان موقوف على العجز عن التورية، بخلاف المعاملات وسائر الأقوال، فأنّ الطاري عليها عنوان الاكراه، ولا يعتبر في تحققه العجز عنها، كما إذا أمره الجائر ببيع ماله أو بالتبري عن دينه فباع أو تبرء للتخلص من وعيده، يكون فعله مكرها عليه ومحكوماً في الأول بالفساد وفي الثاني

بالجواز.

(أقول). والصحيح عدم الفرق بين الاضطرار والاكراه في عدم تحقق عنوانهما، مع إمكان التفصي بالتورية أو بسائر المحللات، بلا فرق بين المعاملات وغيرها، وأنّه لا يرتفع بمجرد الاكراه، الرضا المعتبر في المعاملات، كما لا يرتفع ذلك الرضا في موارد الاضطرار، وأنّ الوجه في صحة المعامله مع الاضطرار إليها والحكم ببطلانها مع الاكراه عليها، هو أنّ الحكم بفسادها في مورد الاضطرار خلاف الامتنان، فلا يشملها حديث الرفع بخلاف مورد الاكراه، فأنّ الرفع فيه موافق له فيعمها حديث الرفع، وإذا أمره الجائر بالمعاملة وأمكن التفصي عنها بالتورية أو بغيرها، ومع ذلك أنشأ المعاملة بقصدها حكم بصحتها أخذاً باطلاق دليل نفوذها، ولا يكون في البين حكومة لحديث الرفع، وهذا بخلاف الحلف أو الاخبار كذباً، فانّه جائز في مورد دفع الضرر حتى مع امكان التورية أو امكان التفصي بغيرها، لما تقدم من دلالة الروايات الخاصة على هذا الجواز، ويترتب على ذلك أنّه لو أراد الذهاب إلى بلد يكون له طريقان، وعلم أنّه لو سلك الطريق الفلاني يتعرض له الجائر، فلابدّ في التخلص عن ضرره من الحلف كذباً دون ما إذا سلك الطريق الآخر، فلا يتعرض له، فانّه يجوز سلوك الطريق الأول والحلف له كذباً. وما في الكلام المصنف «ره» ـ من اعتبار العجز عن التفصي بغير التورية في جواز الكذب ـ لا يمكن المساعدة عليه.

نعم يمكن الاستدلال على استحباب تحمل الضرر المالي بما ورد في الحلف باللّه صادقاً من استحباب تحمل الضرر والاغماض عن الحلف، وإذا كان تحمله وترك الحلف الصادق مستحباً يكون تحمله والاغماض عن الحلف الكاذب كذلك بالأُولوية، إلاّ أن التعدي إلى مطلق الاخبار كذباً مشكل، لما يظهر من بعض الروايات من كون ملاك الاستحباب اجلال اللّه سبحانه بترك الحلف باسمه صادقاً أو كاذباً، وفي رواية الكسوني عن أبي عبداللّه (ع) قال: «قال رسول اللّه (ص): من أجل اللّه أن يحلف به أعطاه خيراً ممّا ذهب منه» ونحوها غيرها.

ثمّ إنّه لا يخفى أنّ جواز الكذب لدفع الضرر مختص بما إذا كان الضرر من الظلم والتعدي عليه، ولا يجوز لمطلق كالضرر في المعاملة، فإذا توقف بيع ماله بلا خسارة على كذبه في رأس المال، فلا يجوز الكذب، لأنّ جوازه إمّا لرفع الاضطرار أو الاكراه، والمفروض انتفاؤهما، حيث إنّ الاضطرار يتوقف على وجوب دفع الضرر المزبور، والضرر المالي يجوز تحمله، وحديث لا ضرر لوروده مورد الامتنان لا يعم المقام، بل يختص بما إذا كان في رفع التكليف الضرري امتناناً، ولا امتنان في تجويز الكذب لمؤمن الموجب لاغراء المؤمن الآخر، بل لا يجوز التورية في مثل اخباره برأس المال باعتبار كونه غشا كما مرّ سابقاً.

واذا دار أمر حمل روايات اهل البيت ع بين الحمل على مثل التقية أو الاستحباب، فتحمل على الاستحباب، وذكرنا في الأُصول من أنّ خصوصية الاستحباب أو الوجوب غير داخلة في مدلول الصيغة، بل مدلولها البعث نحو الفعل وينتزع الوجوب من عدم ثبوت الترخيص في الترك، كما ينتزع الاستحباب من ثبوت ذلك الترخيص. وإذا انضم المستفاد من الصيغة أي البعث إلى الاغتسال إلى ما هو معلوم من الخارج من جواز تركه ثبت الاستحباب.

وأمّا إذا لم يكن الحمل على الاستحباب أخذاً بالظهور، كما إذا ورد في رواية انّ المذي ناقض، ودار أمرها بين أن يراد بالناقض فيها ما هو ظاهره من بطلان الوضوء بالمذي للتقية، وبين استحباب الوضوء بعد خروجه، فلا يكون مجرد الأسب بشأنهم قرينة عرفية على إرادة الاستحباب، ويترتّب على ذلك أنّه لا يتيسر لنا الحكم باستحباب الوضوء بعد خروج المذي بمجرد العلم بأنّ ظاهر الكلام المزبور غير مطابق للحكم الواقعي، مع أنّه إذا جاز الأخبار عن خلاف الواقع لرعاية التقية كما هو الفرض، فلا تكون ارادة مثل الاستحباب اليق بحالهم وما ورد في بعض الموارد لا يدلّ على الضابط لما يصدر عنهم (ع) في جميع موارد التقية، ولا يبعد أن يكون الأمر بالوضوء بعد خروج المذي من هذا القبيل، حيث إنّ ظاهر ذلك الأمر الإرشاد إلى ناقضية المذي، ومجرد العلم بعدم كونه ناقضاً لا يكون قرينة على حمل ذلك الأمر على الاستحباب.

الثاني من مسوغات الكذب إرادة الإصلاح

يدلّ عليه غير واحد من الروايات (منها) صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبداللّه (ع)، قال: «المصلح ليس بكذاب» ورواية المحاربي عن جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي (ص)، قال: «ثلاثة يحسن فيهنّ الكذب، المكيدة من الحرب، وعدتك زوجتك، والاصلاح بين النّاس» إلى غير ذلك. ومقتضى اطلاقها عدم الفرق بين التمكن من التورية وعدمه، فيكون هذا تخصيصاً آخر في أدلة حرمة الكذب على قرار تخصيص الكذب لدفع الضرر، وبعض الاخبار ـ ومنها رواية المحاربي ـ متضمنة لجواز الكذب في الوعد للزوجة أو الأهل، ولكنّها بحسب الظاهر ضعيفة سنداً، فلا يمكن الاعتماد عليها في رفع اليد عن اطلاق دليل حرمة الكذب، بل عن السيد الخوئي (طال بقاه) عدم دلالة تلك الاخبار على جواز الكذب في الوعد الذي يكون من قبيل الاخبار، كالاخبار عن فعله الاستقبالي مع علمه بتركه في ذلك الزمان، وإنّما مدلولها ترك الوفاء بوعده الإنشائي يعني التعهد للعيال أو الزوجة بالفعل، وهذا لا يتصف بالصدق أو الكذب ليكون حراماً، ولا بأس بالتعهد وترك الوفاء به ما لم يكن في ضمن المعاملة. نعم لو قيل بوجوب الوفاء بالعهد الابتدائي يكون الوعد للزوجة أو العيال مستثنى. وفيه أنّ عد الوعد للأهل في الرواية من افراد الكذب قرينة على كون المراد به الوعد الاخباري، وحمل الكذب فيها على البناء على عدم الوفاء بالوعد الانشائي خلاف ظاهرها، خصوصاً بملاحظة أنّ جواز الخلف في الوعد الإنشائي الإبتدائي لا يختص بالوعد للزوجة أو الأهل كما تقدم.

]]> حرمة الغيبة http://portal.tabrizi.org/?p=2116 Sat, 09 Oct 2010 12:57:05 +0000 http://tabrizi.org/ar/?p=2116

gheybat2

قد عبّر في بعض الروايات المعتبرة عن الغيبة بأكل لحوم الناس، كما في صحيحة أبي بصير عن أبي جعفر (ع) قال: قال رسول اللّه (ص): «سباب المؤمن فسوق، وقتاله كفر، وأكل لحمه معصية، وحرمة ماله كحرمة دمه» فإنّ إطلاق أكل اللحم على الغيبة في قوله «وأكل لحمه معصية» بالنظر إلى الدنيا، حيث أنّها دار المعصية ووعاء العصيان، ورواية نوف البكالي ـ مضافاً إلى ضعف سندها ـ لا دلالة لها على تعيين غذاء المغتابين بالكسر يوم القيامة. ولعلّ كلاب النار غيرهم.

وقوله تعالى: «ويل لكلّ همزة لمزة».

لا يخفى أنّ الهمز أو اللمز ذكر العيب وتنقيص الآخر في حضوره أو غيابه والغيبة إظهار عيب أخيه المستور عليه، فتكون النسبة بينها وبين المراد من الهمز أو اللمز العموم من وجه، فإنّه ربما يكون التنقيص بذكر عيبه الظاهر، فلا تكون غيبة. وربما يكون إظهار عيبه المستور عليه بداع آخر غير هتكه وتنقيصه، فلا يكون همزاً ولمزاً، وقد يجتمعان ولا يصحّ جعل الدليل على حرمة أحد العنوانين كذلك دليلاً على حرمة الآخر.

وقوله: «إنّ الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة».

لا يخفى أنّ إضافة الشياع إلى شيء قابل للكثرة والتكرار، ظاهرها كثرته وجوداً لا بيانه وإظهاره، فالآية المباركة ظاهرها حرمة دعوة المؤمنين وتحريضهم إلى الفواحش في مقابل نهيهم عن المنكرات. نعم في صحيحة محمد بن حمران دلالة على عموم الآية للغيبة أيضاً، حيث قال فيها أبو عبداللّه (ع): من قال في مؤمن ما رأته عيناه وسمعته أُذناه، فهو من الذين قال اللّه عزّ وجلّ: «إنّ الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الّذين آمنوا لهم عذاب أليم»، ولكنّ الاعتماد عليها خارج عن الاستدلال بالآية.

بل أشدّ من بعضها.

لا يخفى كون الغيبة أشدّ من كبيرة في الوزر، وإن كان مقتضاه أنّها أيضاً من الكبائر، إلا أنّ كونها أشدّ من كبيرة في التخلّص عن وزرها لا يقتضي ذلك، كما إذا كانت الغيبة من حقوق الناس وحرمة شرب الخمر من حقوق اللّه، فالتخلّص عن وزر شرب الخمر يكون بمجرّد التوبة، بخلاف وزر الغيبة، فمثل هذه الأشدّية لا تقتضي أن تكون الغيبة من الكبائر، والمروي ـ عن النبي (ص) بعدّة طرق انّ «الغيبة أشدّ من الزنا» ـ ناظر إلى مرحلة التخلّص عن الوزر، كما هو مفاد ذيله من قوله: «إنّالرجل يزني فيتوب“».

نعم روي أنّ الغيبة أشدّ من ستة وثلاثين زنية، وذكر العدد ظاهره النظر إلى العقاب، وإلا لكان الأنسب أن يقول (الغيبة أشدّ من الزنا) ولكنه نبوي مرسل لا يمكن الاعتماد عليه، بل لو كان حديثاً صحيحاً، لكان اللازم تأويله لو لم يمكن طرحه، للجزم بأنّ الغيبة لا تكون أشدّ حرمة ووزراً من زنية واحدة، فضلاً عن الثلاثين. ولذا لو أُكره على الزنا أو الغيبة تعيّن اختيارالثاني، وذكرنا نظير ذلك فيما ورد من أنّ درهم ربا أشدّ من سبعين زنية كلّها بذات محرم.

نعم يستفاد كون الغيبة كبيرة من صحيحة محمد بن حمران المتقدمة، حيث أنّ ظاهرها شمول ما أوعد اللّه عليه العذاب للغيبة أيضاً، وآية «ويل لكلّ همزة لمزة» وقوله سبحانه: «إنّ الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة» أنّ الويل والوعيد بالعذاب على عمل في الكتاب المجيد ملاك كون ذلك العمل من الكبائر.

]]>
الحكم الفقهي لفدك http://portal.tabrizi.org/?p=2060 Mon, 27 Sep 2010 12:51:56 +0000 http://tabrizi.org/ar/?p=2060 fadak

إذا ادعى شخص أن المال الذي بيد شخص آخر (ذي اليد) ملكه في حين أن (ذا اليد) قد يكون تملكه للمال بهبة أو إرث أو غير ذلك ففي هذه الصورة يطلب (ذواليد) بينة على ذلك كما لو ادعى شخص بأن المال الذي بيد شخص آخر (ذي اليد) قد أُوصي به إليه ،فالأول مدع والثاني منكر، والقاضي يطلب من المدعي إقامة البيّنة لإثبات مدعاه.

قال المرحوم النائيني بأن قضية فدك من صغريات هذا المورد.

كانت فدك عند فاطمة (عليها السلام) لسنين عديدة وهي (ذواليد)، قالت (عليها السلام) : فدك نحلة لي، وقد وهبها النبي (صلى الله عليه وآله) لها. ويدّعي أبوبكر ـ أول مغتصب للخلافة ـ عن المسلمين جزافاً بأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) وصّى فدكاً للمسلمين، وحينئذ عليه أن يثبت ذلك بإقامة البيّنة.

قال الإمام علي (عليه السلام) بأنّ فاطمة (عليها السلام) (ذواليد) وتدّعي أنّ فدكاً نحلة، وعلى أبي بكر أنْ يقيم البيّنة على ادعائه، وقد تمسّك أبوبكر بحديث «نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة»، في حين أنّ قيد «ما تركناه صدقة» ليس في أصل الحديث; لذا فإنّ الحديث هو«نحن معاشر الأنبياء لانورث» والمراد منه أنّ الأنبياء ليسوا أهل دنيا ولا يهتمّون بها وبجمع الأموال ولا يدّخرون شيئاً حتى يتُرك إرثاً. فالحديث يُبرّي ساحة الأنبياء من صفة التعلّق بالدنيا; لأنّ ذلك خلاف كونهم مرسلين من قبل اللّه تعالى إذ من هو كذلك لا يهمّ بالدنيا وبجمع المال وبإدخاره; لأنّه مناف لمنصبه وهو قيادة الاُمة ودعوة الناس إلى الآخرة والتنزّه عن الدنيا; ولذا يكون الحديث بهذا الصدد الذي ذكرناه لا أنّه يعني أنّ ما تركوه لا يورّث. ثم إنّ القرآن الكريم يصرّح بأنّ الأنبياء يورّثون كما في قوله تعالى:(وورثَ سليمانُ داودَ)و (ربِّ هبْ لي من لدنكَ ولياً يرثُني ويرثُ من آلِ يعقوبَ واجعلهُ ربِّ رضيّاً) ويدلّ على الإرث قوله تعالى (يوصيكم اللّهُ في اُولادِكم للذكرِ مثلُ حظِّ الاُنثيين); لذا فإنّ كلام أبي بكر مخالف لكلام اللّه تعالى وصريح القرآن.

ثم إنّ فاطمة (عليها السلام)سيدةُ نساء الأوّلين والآخرين، وهي عالمة بكلّ الأحكام الإلهيّة فكيف يجرؤ أبوبكر على هذا الإدّعاء.

إنّ الإمام عليّاً (عليه السلام) طلب من أبي بكر إقامة البيّنة على إدّعائه; لأنّ فدك بيد فاطمة (عليها السلام) ، ثم قال (عليه السلام) لأبي بكر: فيمن نزلت هذه الآية: (إنّما يريدُ اللّهُ ليذهبَ عنكم الرجسَ أهلَ البيتِ ويُطهِّركم تطهيراً)، فيك أم فينا؟ فقال أبوبكر: فيكم، فقال (عليه السلام) له: إذا شهد الشهود فتكون فاطمة (عليها السلام) قد ارتكبت منكراً (والعياذ باللّه) أفتقيم الحدّ عليها؟ فقال أبوبكر: نعم. و . . . قال الإمام (عليه السلام) : إنّك رددت شهادة اللّه تعالى بحقّ فاطمة (عليها السلام) ، ونقضت حكم اللّه تعالى ورسوله (صلى الله عليه وآله) وغصبت فدك التي كانت بيد فاطمة (عليها السلام) في حياة أبيها (صلى الله عليه وآله) وأنت تعتقد أنّك من المسلمين بعملك هذا، فعليك أنْ تقيم البيّنة، لأنّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) قال: «البيّنة على من إدّعى واليمين على من إدُّعي

]]>
إبطال مسلك التفويض http://portal.tabrizi.org/?p=2037 Thu, 16 Sep 2010 12:42:20 +0000 http://tabrizi.org/ar/?p=2037 وأمّا مسلك التفويض المقابل للجبر، فقد يقال إنّه مبني على مسلك استغناء الممكن في بقائه عن العلة.

ولكن لا يخفى سخافة هذا البناء والمبنى، وذلك لأنّ بقاء الممكن بلا علّة، كحدوثه بلا علة في الامتناع، حيث إنّ اختلاف الأشياء الممكنة في البقاء والزوال، واختلافها في طول البقاء وقصره، يكون مستنداً إلى أمر لا محالة، ولو كان مجرّد العلّة لحدوث شيء كافياً في بقائه مع استواء البقاء والزوال بالإضافة إليه لأمكن تحققه كذلك في الآن الأوّل أيضاً بعين وجه تحقّقه في الآن الثاني. وبالجملة فما في الكون من الممكنات تحتاج في بقائها، كحدوثها إلى الموجب.

وينبغي أن يبتني مسلك التفويض على أمر آخر، وهو أنّ الممكن وإن كان محتاجاً في بقائه إلى العلّة، إلاّ أنّ حاجة الكائنات ومنها الإنسان إلى ذات الباري (عزّ وجلّ) من قبيل حاجة المنفعل والمصنوع إلى الفاعل والصانع، فتكوين الإنسان وسائر الكائنات وإن حصل بإرادة اللّه (عزّ وجلّ) ومشيّته التي بها تكوّنت الأشياء وظهرت من ظلمات الماهيات إلى نور الوجود إلاّ أنّ بقائها مستند إلى موجبات البقاء فيها من الخصوصيات والاستعدادات المكنونة في بعض الأشياء واستمداد بعضها من البعض الآخر نظير البناء، فإنّه وإن احتاج في حدوثه إلى البنّاء، ولكن بقائه مستند إلى القوة والاستعداد في الأجزاء المستعملة في البناء.

واللّه (سبحانه) خلق الأشياء وكوّنها بإرادته ومشيّته، بما فيها من الخصوصيّات والاستعدادات، ولكن تلك الخصوصيّات والاستعدادات الحادثة بعد حدوث المَثَل أو قبله تنتهي وتفنى، وإذا انتهى بعض ما في الكون الظاهر لنا من الخصوصيّات والاستعدادات يظهر أنّ كلّ شيء منه فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام، وعلى ذلك فالإنسان المخلوق في الكون والباقي منه الموجود بتوليد المثل يكون كلّ ما يفعله بإرادته واختياره من نفسه، ولا يستند شيء منها إلى الخالق (سبحانه) لعدم استناده في البقاء إليه.

ولكن لا يخفى سخافة هذا الوجه أيضاً، فإنّ الكائنات في العالم لا تقاس بالبناء الحاصل من فعل البنّاء، فإنّ خالق الكائنات حيّ قيّوم له ملك السموات والأرض، إذا أراد شيئاً يكون، وإذا أراد عدمه فلا يكون، بلا فرق في ذلك بين الأشياء الحاصلة بالعلل المادية أو من أفعال الإنسان أو غيره.

وليس المراد أنّ العلّية بين المعلولات وعللها باطلة وإنّما جرت عادة اللّه (سبحانه) أن يخلق بعض الأشياء بعد خلق بعضها الآخر كما يقول به القائل بالجبر تحفّظاً على التوحيد.

بل المراد أنّ بقاء الشيء المستند إلى علّته المبقية ـ ليصير علّة لوجود شيء آخر إنّما ينشأ من عدم تعلّق إرادة اللّه بإفنائه كما أنّ حصول شيء من شيء آخر موقوف على تعلّق إرادة اللّه بحصوله منه، وإلاّ فإن تعلّقت إرادته (جلّت قدرته) بأن لا يوجد فلا يوجد، إمّا بإرادة زوال العلّة أو بخلق المزاحم للتأثير والعلّية (وَكانَ اللّهُ بِكُلِّ شَيْء مُحِيْطاً)(۲۸).

وقد تقدّم أنّ مشيّته (جلّت عظمته) قد تعلّقت بكون الإنسان قادراً متمكّناً من الأفعال، ومنها الأفعال التي تعلّق بها طلبه وإرادته بمعني الإيجاب والندب، وما تعلّق به زجره ومنعه، كي يتميّز المطيع من العاصي، والكافر من المؤمن، والصالح من الطالح، (وَاللّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيْطٌ)(۲۹)، (وَاللّهُ بِما يَعْمَلُوْنَ مُحِيْطٌ)(۳۰)، (وَلَوْ شاءَ اللّهُ ما فَعَلُوْهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُوْنَ)(۳۱)، (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لاَمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيْعاً)(۳۲)، (وَلَوْ شِئْنا لاَتَيْنا كُلُّ نَفْس هُداها)(۳۳).

ومع كون العباد وأفعالهم محاطاً بهم (وَكانَ اللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْء رَقِيْباً)(۳۴) قد تصيب رحمته ورأفته العبد ويؤيّده حتّى يجتنب الحرام، أو يفعل الطاعة، قال (عزّ من قائل): (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ)(۳۵)، (فَاعْلَمُوا أنَّ اللّهَ يَحُوْلُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ)(۳۶)، وقال سبحانه: (اللّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْء وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْء وَكِيْل)(۳۷)، (قَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيْهِمْ وَلُعِنُوا بِما قَالُوا)(۳۸)، إلى غير ذلك من الآيات الواضحة في أنّه (تعالى) هو القاهر فوق كلّ شيء، وأنّه يحيي ويميت، وينزل الغيث، ويرزقكم من السماء، وبيده ملكوت كلّ شيء.

والبرهان العقلي على ذات الحقّ (جلّ وعلا) مقتضاه أيضاً ما ذكر، والتعرّض له لا يناسب المقام، ومن اللّه الهداية والرشاد.

(۲۸) سورة النساء: الآية ۱۲۶٫

(۲۹) سورة البروج: الآية ۲۰٫

(۳۰) سورة الأنفال: الآية ۴۷٫

(۳۱) سورة الأنعام: الآية ۱۳۷٫

(۳۲) سورة يونس: الآية ۹۹٫

(۳۳) سورة السجدة: الآية ۱۳٫

(۳۴) سورة الأحزاب: الآية ۵۲٫

(۳۵) سورة التغابن: الآية ۱۱٫

(۳۶) سورة الأنفال: الآية ۲۴٫

(۳۷) سورة الزمر: الآية ۶۲٫

(۳۸) سورة المائدة: الآية ۶۴٫

]]> سماحة السيد منير الخباز (حفظه الله ) http://portal.tabrizi.org/?p=2271 Tue, 14 Sep 2010 16:40:31 +0000 http://tabrizi.org/ar/?p=2271 monir

سماحة السيد منير الخباز (حفظه الله )

واحد من أفاضل تلاميذ الأستاذ الأكبر آية الله العظمى الميرزا جواد التبريزي ( أعلى الله مقامه), يمتاز السيد الخباز بدقته العلمیة وببيانه الرشيق, ومنطقه الفصيح, وهو اليوم أحد أساتذة البحث الخارج في حوزة قم المقدسة, ويحضر بحثه ثلة من الأفاضل من الطلبة العرب, والسيد الخباز يمتلك ثقافة واسعة في مختلف العلوم الإسلامية, ولا تنحصر مطالعاته في الفقه والأصول, بل امتدت إلى العقائد والتفسير والتاريخ, كما أنه (حفظه الله) ملتزم بأداء وظيفة التبليغ المقدسة في أيام التبليغ كشهري رمضان المبارك ومحرم الحرام, ويجلس تحت منبره الشريف كثير من جماهير الشيعة في دول الخليج, لينهلوا من نمير علمه وفضله.

يتناول السيد الخباز في مجلس درسه آراء العلماء الأكابر في علمي الفقه والأصول فيطرحها ويناقشها أخذاً ورداً مع تبحر عميق وأسلوب دقيق, قلّ نظيره؛ ولذا كان من أعضاء جلسة الاستفاتاءات في مرجعية آية الله العظمى الميرزا التبريزي (قدس سره) فقد كان يجيب على الاستفتاءات الواردة باللغة العربية.

عُرف عن السيد الخباز اهتمامه الخاص في الدفاع عن ولاية أهل البيت (عليهم السلام) وبذل الجهد في الترويج للمذهب الشريف, وهذه خصلة ورثها عن أستاذه المرحوم آية الله العظمى التبريزي (أعلى الله مقامه الشريف) فقد كان المرحوم التبريزي – كما هو معلوم – يولي هذه المسألة إهتماماً خاصاً.

يُعقد درس البحث الخارج للسيد الخباز حالياً في مدرس وحسينية آية الله العظمى التبريزي (قدس سره ) وهو درس حافل ومزدهر إجازة خطیة ولا عجب فی ذلک فهو ممن أجیز بدرجة الاجتهاد من سماحته (قدس سره).

وسماحة السيد منير الخباز ثمرة طيبة من الثمار التي أنتجها منبر المرجع الكبير آية الله العظمى الميرزا جواد التبريزي (قدس الله روحه الطاهرة).

]]> الإجزاء عند تبدّل الفتوى أو العدول http://portal.tabrizi.org/?p=2014 Tue, 07 Sep 2010 11:58:16 +0000 http://tabrizi.org/ar/?p=2014 أنّه يحكم على العمل الواقع سابقاً على طبق اجتهاد صحيح، أو على طبق فتوى معتبرة في ذلك الزمان، بالإجزاء في العبادات والمعاملات، بمعنى العقود والإيقاعات السابقة؛ لما علم من مذاق الشارع بجعل هذه الشريعة سهلة سمحة، وأنّه لم يعهد في الشريعة أن يأمر الائمّة (عليهم السلام) من كان يعمل على طبق أخبارهم المعتبرة أن يتدارك عمله السابق بمجرّد ظهور خبر أو وروده عنهم (عليهم السلام) فيما بعد، بحيث يقدّم بعد وروده على ما كان يعمل عليه، بل ورد عنهم ما يشير إلى إجزاء ذلك العمل، ففي موثّقة محمد بن مسلم عن أبي عبداللّه(عليه السلام)قال: «قلت له: ما بال أقوام يروون عن فلان وفلان عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله) لا يتّهمون بالكذب، فيجيء منكم خلافه؟ قال: إنّ الحديث ينسخ كما ينسخ القرآن»(۱)، فإنّ التعبير عن الحديث الآتي من قبلهم بالناسخ للحديث عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله)وتنزيله الحديث منزلة القرآن في وقوع النسخ فيه يشير إلى إجزاء العمل السابق قبل ورود الحديث الناسخ، فإنّ النسخ في المقام، وإن لم يكن بمعناه المعروف بل المراد منه التقييد والتخصيص، إلاّ أنّ العمل بالكتاب قبل ورد المخصّص أو المقيّد عليه كما كان يجزي كذلك العمل بالحديث قبل ورود الحديث اللاحق، ويؤيّد ذلك الإجماعات المنقولة في المقام على الإجزاء حيث قال في العروة: «فإذا أفتى المجتهد الأوّل بجواز الذبح بغير الحديد مثلا، فذبح حيواناً كذلك، فمات مجتهده، وقلّد من يقول بحرمته، فإن باعه أو أكله حكم بصحّة البيع وإباحة الأكل، وأمّا إذا كان الحيوان المذبوح موجوداً فلا يجوز بيعه ولا أكله»، وقال قبل ذلك: «وكذا لو أوقع عقداً أو إيقاعاً بتقليد مجتهد يحكم بصحّته، فإن مات وقلّد من يقول ببطلانه، يجوز له البناء على الصحّة. نعم يجب عليه العمل بمقتضى فتوى المجتهد الثاني فيما يأتي»(۲).

ولا يخفى أنّ ما ذكره من الفرق بين الذبح بغير الحديد وبين العقد السابق لا يصحّ، إلاّ بأن يقال المتيقّن من التسالم على الإجزاء، موارد العبادات السابقة والعقود والإيقاعات، ويبقى غيرها تحت القاعدة المشار إليها آنفاً في الأصل الأولي على القول بالطريقية في الامارات واعتبار الأُصول من عدم الإجزاء.

ثمّ إنّه يقع الكلام في أنّه لو قلنا بإجزاء الأعمال السابقة على طبق الفتوى السابقة، فيما إذا انكشف خلافها بالفتوى اللاّحقة، فهل تكون تلك الأعمال مجزية بالإضافة إلى غير العامل أيضاً ممّن يكون الطريق المعتبر عنده على خلاف تلك الأعمال، مثلا إذا تيمّم الإمام لصلاته في مورد، يرى الغير أنّه يتعيّن في ذلك المورد الوضوء جبيرة، فهل يجوز ـ لمن يكون الحكم عنده كذلك ـ الائتمام بصلاة هذا الإمام الذي يصلّي بالتيمّم، بدعوى أنّه إذا كانت صلاة الإمام مجزية بحيث لا يجب عليه تداركها بالإعادة والقضاء بعد كشف الخلاف عنده بتبدّل فتواه أو رجوعه إلى المجتهد الآخر، تكون صلاته مع التيمّم المفروض كالصلاة مع الخلل في الموارد التي تدخل في المستثنى منه من حديث «لا تعاد»، وكما أنّه يجوز الاقتداء فيها مع علم المأموم بخلل صلاة الإمام بما لا يضرّ الإخلال به في صحّتها في حقّه، فكذلك الحال في الفرض، أو أنّه لا يجوز للغير ممن يقوم الطريق المعتبر عنده على بطلان عمله واقعاً ترتّب أثر الصحيح على تلك الأعمال؟

الصحيح هو الثاني، وذلك لأنّ الحكم بالإجزاء في الأعمال السابقة بالإضافة إلى العامل، ليس بمعنى صحّتها واقعاً، بل معنى الإجزاء إبقاء فتواه السابقة أو فتوى المجتهد السابق على الاعتبار بالإضافة إلى تلك الأعمال في حقّ العامل؛ ولذا لو كان كشف الخلاف في الفتوى السابقة مع الواقع كشفاً وجدانياً لم تكن مجزية، ولزم تدارك الواقع الفائت، فلا يقاس الإجزاء فيها بموارد الخلل في الصلاة، ممّا يدخل في المستثنى منه من الحديث، فإنّ الصحّة في تلك الموارد واقعية؛ ولذا لا تجب إعادة الصلاة ولا قضائها بالكشف الوجداني للخلل.

وبالجملة غاية ما يستفاد ممّا تقدّم ـ من أنّ لزوم التدارك في موارد تبدّل الفتوى أو الرجوع الى المجتهد الآخر ينافي كون الشريعة سهلة وسمحة وقيام السيرة المتشرعة الجارية على عدم التدارك فيما إذا وقعت الأعمال السابقة عن تقليد أو اجتهاد صحيح في العبادات والمعاملات من العقود والإيقاعات ـ هو بقاء الفتوى السابقة أو الاجتهاد السابق على الاعتبار بالاضافة إلى العامل فحسب، وكذا فيما أشرنا إليه من الرواية، فتدبّر.

قد يقال: إنّه يستثنى ممّا ذكر من عدم ترتيب أثر الصحيح لمن يرى بطلان ذلك العمل بحسب اجتهاده أو تقليده موردان:

أحدهما: النكاح، فإنّه إذا عقد على امرأة بعقد صحيح عندهما بحسب تقليدهما، فلا يجوز للغير الذي يرى بطلانه اجتهاداً أو تقليداً تزويجها بعد ذلك بلا طلاق صحيح، بدعوى أنّ المرأة من الأوّل خليّة؛ لبطلان العقد على رأيه.

الثاني: الطلاق فإنّه إذا طلّق زوجته بطلاق يرى صحّته، كما إذا أنشأه ببعض الصيغ مما أفتى بعض بصحّة إنشائه بها، ويرى الغير بطلان ذلك الطلاق، فيجوز له التزويج بتلك المرأة بعد انقضاء عدّتها.

والدليل على ترتيب الأثر في الموردين ـ مضافاً إلى السيرة المستمرّة ـ ما يستفاد ممّا ورد في أنّ «لكلّ قوم نكاح» وما ورد في قاعدة الإلزام.

ولكن لا يخفى ما فيهما، إذ دعوى السيرة المستمرّة في موارد الحكم الظاهري لم تثبت، وما ورد في أنّ لكلّ قوم نكاح أو في قاعدة الإلزام لا يستفاد منهما إجزاء النكاح أو الطلاق الواقع على طبق الحجّة المعتبرة عند العامل، بالإضافة إلى من تكون الحجّة المعتبرة عنده على خلافها، وكذلك الحال في الميراث. نعم إذا كان النكاح والطلاق أو الميراث عند قوم مخالفاً لما عندنا، فهو مجرى السيرة وقاعدة الإلزام لا ما إذا كان عند مجتهد مخالفاً لما عند مجتهد آخر.

(۱) الوسائل: ج ۱۸، باب ۹ من أبواب صفات القاضي، الحديث ۴٫

(۲) العروة الوثقى: ج ۱، مسألة ۵۳، من كتاب الاجتهاد والتقليد.

]]> الملاك في اختيارية افعال العباد http://portal.tabrizi.org/?p=1740 Sat, 24 Apr 2010 12:31:54 +0000 http://tabrizi.org/ar/?p=1740 28

إمكان صدور الفعل عن الفاعل بالاختيار لا يحتاج إلى غير قدرته عليه، نعم العاقل لا يصرف قدرته فيمالا يعنيه و ما ليس له فيه صلاح، بل يصرفها على أحد طرفي الشيء لغرض، من غير أن يكون ترتّب الغرض على ذلك الطرف موجباً لسلب قدرته عن الطرف الآخر، وبتعبير آخر: يكون ترتّب الغرض على أحد طرفي الشيء مرجّحاً لذلك الطرف على الآخر؛ ولذا يسمّى إعمال القدرة وصرفها في أحد طرفي الشيء اختياراً؛ لأنّ الإنسان يأخذ بما فيه الخير، وقد اعترف الماتن(قدس سره)في بحث التجرّي(۱۵) ببعض ما ذكرناه ـ من كون اختيارية الفعل بالتمكّن من عدمه ـ حيث ذكر أنّ بعض مبادئ اختيار الفعل اختيارية، لتمكّنه من عدمه بالتأمّل فيما يترتّب عليه، فراجع.

إن قلت: أفلا يكون مقتضى التوحيد والاعتراف بوحدانية الخالق، هو الالتزام بأنّ ما يحصل في الكون ـ ومنها أفعال العباد ـ مخلوقة للّه (سبحانه)، لئلاّ يكون مؤثّراً في الوجود وخالقاً للكون إلاّ هو وإنّما يصحّ العقاب حينئذ على فعل العبد، فلأجل أنّ الفعل في الحقيقة وإن كان بإرادة اللّه، إلاّ أنّ اللّه تعالى يريد فعل العبد، إذا تعلّقت إرادة العبد به، فيكون المؤثّر في ذلك إرادة اللّه، والعبد أيضاً أراد تحقيقه وإيجاده، ولكن إرادته لا تؤثّر في الواقع شيئاً، ويعبّر عن إرادة العبد كذلك بالكسب، فيكون العقاب على كسب العبد، وإن شئت فلاحظ من أراد رفع حجر عن مكان، باعتقاد أنّه متمكّن من رفعه، ولكن عند تصدّيه للرفع يظهر عدم تمكّنه منه، فيضع شخص آخر أقوى منه يده تحت ذلك الحجر ويرفعه، فارتفاع الحجر عن مكانه يكون برفع هذا الشخص الثاني خاصّة، ويستند الرفع إليه دون الأوّل، إلاّ أنّ سبب رفع الثاني للحجر هو تعلّق إرادة الأوّل برفعه، ولأجله لا مانع من إسناد الرفع إلى المريد خاصّة.

قلت: إنّ ما ذكر لا في تصحيح العقاب يجدي ولا في التحفّظ على وحدة الخالق والمؤثّر في الكون ومنه أفعال العباد.

أمّا الأوّل؛ فلأنّه لا يصحّ عند العقل أن يذمّ رافع الحجر حقيقة، مريدَ الرفع خاصّة ويوبّخه على الرفع؛ لأنّه لم يرفعه، بل أراد رفعه فحسب، فالتوبيخ والذمّ يرد على رافع الحجر حقيقة الذي هو الشخص الثاني. نعم يصحّ توبيخ الأوّل على إرادة الرفع لا على نفس الرفع، وإذا فرض أنّ إرادته أيضاً فعل مخلوق يكون المؤثّر فيه إرادة اللّه (سبحانه) فلا يصحّ عقابه ولا توبيخه على الإرادة المخلوقة، وإن قيل بأنّ إرادة المريد ناشئة عن مباديها، ومباديها ناشئة عن خبث السريرة والشقاوة الذاتيّة كما تقدّم في كلام الماتن (قدس سره)ثبت أيضاً أنّه لا مصحّح للعقوبة على ارادته ولا على فعله.

وأمّا الثاني فيظهر جوابه عن مقالة الفلاسفة في قاعدة «أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد» أنّ ما ذكره الفلاسفة من قاعدة «أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد» لا يجري في الفاعل بالاختيار، فإنّه بعد لحاظ الشيء والتصديق بفائدته والميل إليه والجزم بعدم المانع، يبقى الفاعل المختار قادراً على اختيار كلّ من الفعل والترك، والمبادي لا تجعل الفعل من قبيل واجب الوجود، بل إنّها مرجّحة لاختياره طرف الفعل، حيث إنّ الفاعل الحكيم لا يختار الفعل إلاّ مع الصلاح في شخصه أو المزية في الجامع بينه وبين فعل آخر، كما إذا لم تكن مزيّة في خصوص أحد الفعلين بالإضافة إلى الآخر، فإنّ قيام المزيّة في الجامع كاف في كون اختيار الفعل بالحكمة، ويدلّك على ذلك أنّ الهارب يختار أحد الطريقين مع عدم المزية لأحدهما بالإضافة إلى الآخر.

وحكي عن الفخر الرازي(۱۶) استدلاله على ذلك بأنّه لا مرجّح لحركة الشمس من المشرق إلى المغرب، وقد طعن عليه صدرالمتألّهين في شرحه على أُصول الكافي(۱۷)، ولم يأت في الردّ عليه إلاّ بالطعن والشتم.

ولكن لا يخفى ما في المحكي، حيث إنّ حركة الأرض حول نفسها، أو حركتها حول الشمس، ليست من الأفعال الاختيارية لها، فلابدّ من خصوصية خارجية تقتضي تعين تلك الحركة. نعم خلق الشمس أو الأرض بتلك الخصوصية من فعل اللّه (سبحانه)، ولا سبيل لنا إلى الجزم بأنّ الخلق بتلك الخصوصية كان لمرجّح في الجامع بين الخصوصيتين.

ونظير ما ذكره الفلاسفة بالإضافة إلى الأفعال ـ من دعوى اقتضاء التوحيد ونفي الشرك في الخلق ـ الالتزام بأنّ أفعال العباد مخلوقة للّه (سبحانه) تمسّكاً ببعض الآيات:

مثل قوله (سبحانه): (وَاللّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُوْنَ)(۱۸).

وقوله (سبحانه): (وَما تَشاءُونَ إِلاّ أَنْ يَشاءَ اللّهُ)(۱۹).

وقوله (سبحانه): (وَلاتَقُولَنَّ لِشَيْء إِنِّي فَاعِلٌ ذلِكَ غَدَاً إِلاّ أَنْ يَشَاءَ اللّهُ)(۲۰). وقوله (سبحانه): (وَما كانَ لِنَفْس أَنْ تُؤْمِنَ إلاّ بِإِذْنِ اللّهِ)(۲۱).

وقوله (سبحانه): (الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمواتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذَ وَلَدَاً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيْكٌ فِي المُلْكِ)(۲۲) أي الخلق. إلى غير ذلك.

والجواب عنها: أنّ الآيات المذكورة ونحوها إذا لوحظت في مقابل مثل قوله (سبحانه): (إِنَّ اللّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّة وَإنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيْماً)(۲۳).

وقوله (سبحانه): (وَوَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدَاً)(۲۴).

(سبحانه): (إِنَّا هَدَيْناهُ السَّبِيْلَ إِمّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوْرَاً)(۲۵).

ومثل قوله (سبحانه) حكاية عن أهل النار: (قالُوا بَلى قَدْ جائَنَا نَذِيْرٌ فَكَذَّبْنا وَقُلْنا ما نَزَّلَ اللّهُ مِنْ شَيْء إِنْ أَنْتُمْ إلاّ فِي ضَلال كَبِيْر وَقالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيْرِ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقَاً لأَصْحابِ السَّعِيْرِ)(۲۶) ونحوها، يتّضح كمال الوضوح أنّ إسناد الأفعال إلى اللّه (سبحانه) في مثل الحسنات والأفعال الحسنة، إنّما هو باعتبار أنّ القدرة على العمل والمعدات التي يتوقّف عليها العمل كلّها من اللّه (سبحانه)، ولذا لن تجد مورداً في كتاب اللّه (سبحانه) أو غيره أُسند فيه العمل القبيح الصادر عن العبد إليه (تعالى)؛ ولذا ذكرنا أنّ التوحيد لا يقتضي إسناد الظلم إلى اللّه (تعالى) بأن تكون إرادته المشار إليها في قوله تعالى: (إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئَاً)(۲۷) متعلّقة بأفعال العباد الاختيارية التي يتعلق بها التشريع، بل تلك الإرادة تعلّقت بكونهم مختارين، حيث إنّ الدنيا دار الفتنة والامتحان. وأمّا قولنا: أراد اللّه أن نصلّي ونصوم، فمعناه أنّه سبحانه طلب منّا العمل وأمرنا أن نفعل.

فتلخّص من جميع ما ذكرنا أنّه إذا لوحظ صحّة تكليف العباد وجواز مؤاخذتهم على ما ارتكبوا من المعاصي، ولوحظت الآيات الواردة في أمر العاصين بالتوبة والاستغفار وأمر المؤمنين بالاستقامة في الدين ولوحظ ما ورد من الآيات من كون العاصين ظالمي أنفسهم، تجد أنّ إسناد بعض الأفعال إلى اللّه (سبحانه) ليس بمعنى نفي اختيار العبد فيها، بل بمعنى أنّ القدرة عليها بمشيّة اللّه وإرادته، وربما يلقي (سبحانه) حبّ العمل والشوق إليه في أنفسهم، فيكون ذلك تأييداً للعبد على الاستقامة ونيل الثواب، بعد علمه (سبحانه) أنّ العبد يهمّ بالطاعة والاجتناب عن السيّئات ما أمكن.

ويظهر من ذلك بطلان توهّم علّيّة سوء السريرة، أو حسنها لحصول المبادي التي من قبيل العلّة التامّة لحصول الإرادة ـ يعني الشوق المؤكّد المحرّك للعضلات ـ، وكذا بطلان توهّم أنّ اختيارية فعل العبد ينافي مسلك التوحيد الأفعالي، والالتزام بالملك المطلق للّه (سبحانه).

——————————————————-

(۱۵) كفاية الأُصول: ص ۲۶۰٫

(۱۶) المباحث المشرقية.

(۱۷) شرح أُصول الكافي لصدرالمتألهين.

(۱۸) سورة الصافات: الآية ۹۶٫

(۱۹) سورة الإنسان: الآية ۳۰٫

(۲۰) سورة الكهف: الآية ۲۳٫

(۲۱) سورة يونس: الآية ۱۰۰٫

(۲۲) سورة الفرقان: الآية ۲٫

(۲۳) سورة النساء: الآية ۴۰٫

(۲۴) سورة الكهف: الآية ۴۹٫

(۲۵) سورة الإنسان: الآية ۳٫

]]> حقيقة الإرادة من اللّه (سبحانه) ومن العبد http://portal.tabrizi.org/?p=1661 Thu, 08 Apr 2010 11:59:00 +0000 http://tabrizi.org/ar/?p=1661 mahzar2

يمكن تلخيص :

الأوّل: إن المنشأ بالأمر حتّى في الخطابات الإلهية هو الطلب الإنشائي، والطلب الإنشائي يكون منبعثاً من الطلب الحقيقي، والطلب الحقيقي من اللّه (سبحانه) هو علمه بصلاح الفعل الصادر عن المكلف دون الإرادة التكوينية منه (تعالى) التي هي العلم بالنظام الكامل التامّ. نعم ربّما توافقت الإرادة التكوينية والطلب الحقيقي المعبّر عنه بالإرادة التشريعية، فلا محيص عن اختيار الطاعة والإيمان، وربّما تخالفتا فلا محيص عن اختيار الكفر والعصيان.

الثاني: أنّ لزوم الطاعة والإيمان عند توافق الإرادتين واختيار الكفر والإيمان عند تخالفهما لا يوجب خروج الفعل عن اختيار العبد وصدوره عنه بإرادته، وأنّ المؤثّر في حصول الفعل هي إرادة العبد التي فسّرها في كلماته ـ تبعاً للقوم ـ بالشوق المؤكّد المحرّك للعضلات.

الثالث: أنّ إرادة العبد المتعلّقة بالطاعة والإيمان أو بالكفر والعصيان، وإن افتقرت في تحقّقها إلى المؤثّر لعدم كونها ضرورية وواجبة حتّى تستغني عن العلّة وإنّ مبادئها عند اجتماعها هي المؤثّرة في تحقّق الارادة، إلاّ أنّ حصول تلك المبادئ غير مستند إلى إرادة اللّه (سبحانه)، بل تستند إلى ما هو لازم الذات من السعادة والشقاوة، وشيء منهما لا يعلّل، حيث إنّ اللازم للذات لا يحتاج إلى علّة، بل يوجد بتبع وجود الشيء لا محالة.

وأساس هذه الأُمور الثلاثة، هو الالتزام بأمرين:

أحدهما: إنّ إرادة اللّه (سبحانه) من صفات الذات، وعليه تكون إرادته تعالى عين علمه، سواء كانت الإرادة تكوينية أو تشريعية، وبذلك صرّح في كلامه (قدس سره) في «وهمٌ ودفعٌ» فذكر أنّ المنشأ في الخطابات الإلهية ليس هو العلم، إذ العلم بالصلاح يتحد مع الارادة خارجاً، لا مفهوماً. وقد عرفت أنّ المنشأ ليس إلاّ المفهوم لا الطلب الخارجي، ولا غرو أصلاً في اتّحاد الإرادة والعلم عيناً وخارجاً، بل لا محيص عنه في جميع صفاته (تعالى) لرجوع الصفات إلى ذاته المقدّسة، قال أميرالمؤمنين (عليه السلام): «وكمال توحيده الاخلاص له، وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه»(۴).

ثانيهما: أنّ الممكن لا يوجد إلاّ مع تماميّة علّته على ما هو المعروف بينهم من «أنّ الشيء ما لم يجب لم يوجد»(۵)، بلا فرق بين الأفعال وغيرها، إرادية كانت أو غير إرادية.

أقول: أمّا الأمر الأوّل وهو ما ذكره (قدس سره) من أنّ إرادة اللّه (سبحانه) من صفات الذات وعين العلم بالنظام على النحو التامّ الكامل، وإرادته التشريعية عين العلم بمصلحة الفعل، فقد أورد عليه المحقّق الاصفهاني (قدس سره) في تعليقته بأنّ صفات الذات تختلف كلّ منها مع الصفات الأُخرى مفهوماً، وإنّما يكون مطابقها ـ بالفتح ـ واحداً خارجاً؛ لأنّه تعالى بذاته صرف القدرة وصرف العلم وصرف الإرادة، ولكن كلّ منها غير الآخر مفهوماً، وعلى ذلك فلا يصحّ تحديد إرادته (سبحانه) بالعلم بالنظام الكامل التامّ والعلم بالصلاح؛ ولذا قال أكابر القوم(۶): إنّ الإرادة في ذات الحق (جلّ وعلا) هو الابتهاج والرضا وما يقاربهما في المعنى، لا العلم بالنظام أو الصلاح في الفعل. نعم الإرادة فينا هي الشوق المؤكّد.

والسرّ في الاختلاف وتحديد الإرادة منّا بالشوق المؤكّد وفي ذات الحق (جلّ وعلا) بصرف الابتهاج الذاتي والرضا هو إنّا لمكان إمكاننا وقصور فاعليّتنا حيث نحتاج ـ في ظهور هذه الفاعلية إلى الفعلية ـ إلى مقدمات زائدة على ذاتنا من تصور الفعل والتصديق بالفائدة، فبالشوق الأكيد تصير القوة الفاعلية فعليّة ومحرّكة للعضلات، بخلاف ذات الحقّ (جلّ وعلا)، فإنّه خال عن جهات القوّة والنقص وعدم الفعلية، فإنّه فاعل بذاته المريدة، حيث إنّ ذاته بذاته مبتهجة أتمّ الابتهاج وينبعث عن الابتهاج الذاتي الإرادة الفعلية، كما وردت الأخبار بذلك عن الأئمّة الأطهار (صلوات اللّه وسلامه عليهم)، إنتهى ما أردنا إيراده من كلامه (قدس سره)(۷).

ولكن لا يخفى أنّ الشوق المؤكّد منّا لا يطلق عليه الإرادة، فإنّ الإرادة تطلق على أحد أمرين:

أحدهما: القصد إلى الفعل والعزم والبناء على العمل.

ثانيهما: بمعنى الاختيار، وهو صَرف القدرة في أحد طرفي الشيء من الفعل أو إبقائه على عدمه، والشوق المؤكّد غير هذين الأمرين، والشاهد على عدم كون الشوق المؤكّد علّة لصدور الفعل منّا فضلا عن كونه علّة تامّة هو صدور بعض الأفعال عن الإنسان باختياره بلا اشتياق منه إلى الفعل المفروض، فضلا عن كونه مؤكّداً، كما إذا أصابت عضو الإنسان آفة، يتوقّف دفع سرايتها إلى سائر بدنه والتحفّظ على حياته على قطع ذلك العضو، فإنّ تصدّيه لقطعه بالمباشرة أو بغيرها يكون بلا اشتياق منه إلى القطع، بل ربّما لا يحبّ الحياة بدون ذلك العضو المقطوع، ولكن يقطعه امتثالا لما هو الواجب عليه شرعاً تخلّصاً من عذاب مخالفة التكليف، وأيضاً الشوق المؤكّد قد يتعلّق بفعل لا يتمكّن منه ويعلم بعدم الوصول إليه، مع أنّ العاقل لا يريد غير المقدور له، وكلّ من الأمرين شاهد قطعي على أنّ الشوق المؤكّد غير الإرادة التي لا تتعلّق بغير المقدور مع الالتفات إلى أنّه غير مقدور، نعم قد يكون الاشتياق ـ مؤكّداً أو غير مؤكّد ـ داعياً له إلى إرادة المشتاق إليه أو إرادة الإتيان بأعمال يترتّب عليها ذلك المشتاق إليه جزماً أو احتمالا، وهذا أمر نتعرّض له إن شاء اللّه تعالى.

هذا بالإضافة إلينا، وأمّا بالإضافة إلى ذات الحق (جلّ وعلا) فلا دليل على أنّ إرادة اللّه (سبحانه) من صفات الذات حتّى تفسّر بالعلم أو بالابتهاج الذاتي والرضا، بل قام الدليل على أنّها من صفات الأفعال، كما أنّ الرضا والسخط أيضاً من صفات الأفعال، ولا يرتبطان بصفات الذات، كالقدرة والعلم والحياة.

فقد ورد في صحيحة عاصم بن حميد عن أبي عبداللّه (عليه السلام) قال قلت: لم يزل اللّه مريداً، قال: لا يكون المريد إلاّ المراد معه، لم يزل اللّه عالماً قادراً ثمّ أراد(۸).

وفي صحيحة صفوان بن يحيى قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): أخبرني عن الإرادة من اللّه ومن الخلق؟ فقال: الإرادة من الخلق الضمير وما يبدو لهم بعد ذلك من الفعل، وأمّا من اللّه تعالى فإرادته إحداثه لا غير ذلك؛ لأنّه لا يروّي ولا يهمّ ولا يتفكّر، وهذه الصفات منفية عنه وهي صفات الخلق، فإرادة اللّه الفعل لا غير، يقول له كن فيكون، بلا لفظ ولا نطق بلسان، ولا همّة ولا تفكّر، ولا كيف لذلك، كما أنّه لا كيف له(۹)، وظاهر نفي الكيف نفي الابتهاج.

والوجدان أكبر شاهد على أنّ أفعال العباد من الطاعة والعصيان والإيمان والكفر، كلّها خارجة عن إرادة اللّه ومشيتّه، بل إرادته ومشيّته (جلّت عظمته) قد تعلّقت بتشريع تلك الأفعال على العباد، وجعل الدنيا دار الابتلاء والامتحان لهم؛ ليتميّز الخبيث من الطيّب، ومن يستمع قول الحقّ ويتّبعه عمّن يعرض عنه وينسى ربَّه ويومَ الحساب، ويشتغل بالدنيا وغرورها. نعم بما أنّ أفعال العباد تصدر عنهم بحول اللّه وقوّته، يعني بالقدرة التي أعطاها ربّ العباد إيّاهم، وأرشدهم إلى ما فيه الرشد والهداية وسعادة دنياهم وعقباهم، يصحّ أن يسند اللّه سبحانه أفعال الخير إلى نفسه، كما في قوله سبحانه: (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللّهَ رَمَى) الآية(۱۰)، وقوله سبحانه: (وَما تَشاءُوْنَ إِلاّ أنْ يَشاءَ اللّهُ)(۱۱)، حيث إنّ كلّ ما يصدر عنّا هو من قبيل تحريك العضلات، ولكن معطي قوة الحركة ونفس العضلات هو اللّه (سبحانه)، وإذا أمسك قوّتها فلا نتمكّن من الفعل، فيكون صدور الفعل عنّا باختيارنا وإرادتنا، على تقدير إعطاء اللّه وعدم إنهاء ما بذله، فيصحّ أن يقول اللّه (سبحانه): لا يصدر عنك فعل إلاّ بمشيّتي، وإذا لاحظت مثل هذه الأُمور كما إذا أوجد شخص أمراً تكون تمام آلاته ومعدّاته بيد الغير وكانت بإعطائه، تجد من نفسك أنّه يصحّ للغير أن يقول: أنا أوجدت الأمر وفعلك ذلك كان بمشيّتي، فكذلك يصحّ أن يقال إنّ أفعال العباد تكون بمشيّة اللّه عزّ وجل وربما يضاف إلى صحّة الإسناد إلى اللّه عزّ وجلّ ملاحظة لطفه وتأييده وعنايته سبحانه إلى العبد

———————————————————————————————

(۴) نهج البلاغة: الخطبة ۱ / ۳۹٫

(۵) الأسفار: ۱ / ۲۲۱، الفصل ۱۵٫

(۶) القبسات للسيد ميرداماد: ص ۳۲۲٫

(۷) نهاية الدراية: ۱ / ۲۷۸٫

(۸) الكافي: ۱ / ۱۰۹، باب الإرادة أنّها من صفات الفعل، الحديث ۱٫

(۹) الكافي: ۱ / ۱۰۹، باب الإرادة أنّها من صفات الفعل، الحديث ۳٫

(۱۰) سورة الأنفال: الآية ۱۷٫

(۱۱) سورة الإنسان: الآية ۳۰٫٫

]]>
عبادية الطهارات الثلاث http://portal.tabrizi.org/?p=1653 Thu, 08 Apr 2010 11:49:27 +0000 http://tabrizi.org/ar/?p=1653 mahzar2

هو أنّ الطهارات الثلاث – حتّى التيمم منها ـ مطلوبات نفسية بالأمر الاستحبابي التعبّدي، فتكون مطلوبة كسائر المستحبّات النفسية والطهارات بما هي مستحبّات نفسية وذوات ملاكات مترتّبة عليها عند الإتيان بها قربيّاً، قد أُخذت قيداً للصلاة ونحوها لدخالتها كذلك في صلاح الصلاة ونحوها.

وبتعبير آخر: أنّ عباديّتها ليست لأجل تعلّق الأمر الغيري بها، بل لتعلّق الأمر الاستحبابي النفسي بها، حيث لا يتحصل ملاكاتها النفسية بلا قصد التقرّب، وقد أخذت بما هي عبادات قيوداً للصلاة ونحوها، ولا تحصل ـ بما هي قيد الصلاة ـ بلا قصد التقرّب ليسقط الأمر الغيري بها.

وبالجملة كون الطهارات الثلاث عبادة إنّما هو لتعلّق الأمر الاستحبابي النفسي بها، حيث إنّ الأمر الاستحبابي تعبّدي لا يحصّل ملاكاتها إلاّ إذا أتى بها بقصد التقرّب، وبما أنّ المأخوذ قيداً للصلاة هي الطهارة المأتي بها عبادة، فلا يسقط الأمر الغيري بها من غير أن تقع بنحو العبادة، حيث إنّ الفاقد لقصد التقرّب ليس بقيد للصلاة.

لا يقال: على ذلك يلزم أن يقصد عند الإتيان بها الأمر بها نفسياً، لتقع بنحو العبادة، مع أنّه يكفي في صحّتها وسقوط الأمر الغيري بها الإتيان بها بداعوية الوجوب الغيري المتعلّق بها.

فإنّه يقال: بعد فرض أنّ قيد الصلاة هي الطهارة بنحو العبادة، فالأمر الغيري يدعو إليها كذلك، حيث أنّ الأمر لا يدعو إلاّ إلى ما هو القيد والمقدّمة، ولذا يكتفى في صحّتها بقصد امتثال الأمر الغيري بها.

أقول: المفروض في الإشكال أنّ المتوضيء مثلا يقصد غسل وجهه ويديه ومسح رأسه ورجليه بداعوية الأمر الغيري المتعلّق بنفس مجموع هذه الأفعال، لا أنّ الأمر الغيري يدعوه إلى الإتيان بها بداعوية الأمر النفسي الاستحبابي المتعلّق بها كي يكون داعويّة الأمر الغيري بنحو الداعي إلى الداعي كما ذكر ذلك في قصد التقرب من الأجير الذي يقضي ما على الميت من الصلاة والصوم.

ومن المعلوم أنّه تصّح الطهارات ولو ممن لا يرى الاستحباب النفسي فيها بعد دخول وقت الصلاة وانحصار الأمر بها في الغيري، بل ممن يعتقد عدم الاستحباب النفسي في التيمم وعدم ملاك نفسي فيه، إلاّ أنّه (قدس سره) التزم بأنّ موافقة الأمر الغيري و قصدها لا يوجب التقرّب، ومعه فكيف يحصل التيمم بوجه قربي من المعتقد بعدم استحبابه النفسي؟

والمتعيّن في الجواب أن يقال: إنّ ما يتوقّف عليه الصلاة أو الطواف هو الوضوء أو الغسل أو التيمّم بوجه قربي، بأن يضاف الإتيان بها إلى اللّه سبحانه، فالأمر الغيري يتعلّق بها مع هذا القصد، وبما أنّ الإتيان مع قصد امتثال الأمر الغيري أو قصد التوصل إلى الواجب النفسي إتيان الفعل مضافاً إلى اللّه سبحانه وموجب لوقوع الوضوء أو الغسل أو التيمّم بنحو العبادة فيصّح، نظير ما تقدّم في أخذ قصد التقرب في متعلّق الأمر النفسي في العبادات.

نعم وجود ملاك الاستحباب النفسي في الطهارت يوجب أن تكون في نفسها عبادة صالحة للتقرّب بها مجرّدة عن قصد الصلاة ونحوها، بخلاف سائر المقدّمات

]]>