عليه السلام – مدرس آیت الله العظمی میرزا جواد تبریزی ره http://portal.tabrizi.org Wed, 08 Jan 2014 05:55:55 +0000 fa-IR hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.6.2 الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام http://portal.tabrizi.org/?p=1608 http://portal.tabrizi.org/?p=1608#respond Wed, 08 Jan 2014 05:55:55 +0000 http://tabrizi.org/ar/?p=1608 نحن أمام بحر طامٍ عمّ جوده وبدرٍ سام أشرق وجوده، نحن أمام شمس المعارف الكبرى وأستاذ الأئمة وقائد جميع الأمة، الذي لم يُرَ إلا صائماً أو قائماً أو قارئاً للقرآن.

نسب أزهر في التاريخ فحول الصحاري إلى أزاهير، وحَسَبٌ تجاوز في علوّه المريخ فسطعت منه المجامير، وعزمٌ فلّ به حراب الدهر وحلم ملأ به إهاب الفخر، وبحر بعيد قعره، زخّار موجه، يفيض عطاءً دون توقّف، حتى شهد بفضله القاصي والداني مسحت شمس هُداه دياجير الجهل وأضاءت تعاليمه كل حنايا الروح والعقل.

منهله عذب لروّاده، ومنتج لقصّاده. يزدحم أهل الفضل في رحابه، ويشرفون بتقبيل أعتابه. والكل يرجعون بطاناً مرويّين يشهدون بقوة حجته وشدة عارضته، يذعنون له تسليماً واطمئناناً، ويعترفون بمرجعيته تقديراً واحتراماً.

لقد مني

الإمام الصادق (عليه السلام) بعصر أقلّ ما فيه أنه عصر الاتجاهات غير المتجانسة فكان (عليه السلام) يجمع بين المتفرقات ويفرق بين المجتمعات.

مدرسة سيارة ولكنها شاملة ومستوعبة لكل ما تحتاجه الأئمة في حاضرها ومستقبلها معبّراً عن طموحها وتطلعاتها.

والده بقر العلم بقراً وأورثه ما عنده من أدب كأحسن ما يرام، حتى بزّ الأولين والآخرين عدا ما استثني، فإن الله تبارك وتعالى سخّره لإكمال السلسلة وقيادة المرحلة. يهدي التائهين من جانب، ويعلم الجاهلين من جانب آخر. يخاطب الناس على قدر عقولهم ويؤدبهم بحسب استعدادهم، يظهر على الزنادقة فيطبّعهم، وعلى الفياهقة فيطوّعهم. وكم نصبوا له المكائد ليوقعوه فيها ولكنه كان أحذر وأجرأ من أسد.

ya-mohamad2

يعالج الأمور بحكمة علي وصبره، وقوة الحسين وجهاده، له من جدّه النبي محمد (صلى الله عليه وآله) المثل الأعلى والقدرة الحسنى، لم تغرّه بهارج الدنيا وزينتها، ولم يجرِ إلى بعض مزالقها. وأثبت أنه الأعلم والأفقه، بل الأستاذ الأوحد في تلك الدنيا التي كثر فيها العلماء وكانوا ظاهرتها الأبرز.

والإمام الصادق (عليه السلام) استطاع بواسع علمه ورحابة صدره أن يستوعب الجميع ويعلم الأئمة المتأخرين، كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد، ويثبت أستاذيته للمدارس الفكرية والجامعات العلمية كلها، حتى أصبح حديث الناس وشغلهم الشاغل. ولشدة إقبال الناس إليه وتتلمذ العلماء عليه وتأسيسه المدارس وتخريجه العلماء نسب المذهب الجعفري إليه، وانعطف الموالون لأهل البيت إليه مع أنه جزء من السلسلة المباركة. لكن الوضوح الذي حدث في عصره والانتصار الثقافي الكبير الذي حققه جعل الاتجاه الثقافي والإعلامي يميل نحوه بالخصوص. وبعبارة صريحة كان ينشر مذهب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بصِيَغ متطورة كحاضر سعيد ومستقبل اجتماعي متقدم.

إن الأقوال والنعوت التي تُبرز دور الإمام الصادق (عليه السلام) وتظهر علوّ مقامه وسموّ فضله قد صدرت عن كبار علماء الإسلام من شتى الفرق والمذاهب، وما زالت آثارها باقية حتى الآن، والحوزات العلمية اليوم هي امتداد لتلك الحوزة العلمية العظيمة، ومن تراث ذلك الإمام الهمام.

والإمام الصادق هو صاحب مدرسة عظيمة جداً مدت جذورها عمق التاريخ وبقيت مباركة طيبة، أصلها راسخ في الأرض وفروعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.

وصاحب هذه المدرسة وحده موسوعة علمية، تقف وراء طاقاته التكوينية المتينة أسباب جليلة ساهمت جميعها في شحن المعارف الواسعة إلى فكره المركّز، وإرادته المعتصمة بالمران الأصيل.

وكانت تلك المعارف والطاقات المباركة كلها تصب في بوتقة واحدة هي بوتقة بناء مجتمع صالح وفرد يعيش حرية الفكر وحرية الإنسانية وعبودية الباري عز وجل.

]]>
http://portal.tabrizi.org/?feed=rss2&p=1608 0
فاطمة عليها السلام وعلاقتها بالحسين عليه السلام http://portal.tabrizi.org/?p=3183 Wed, 01 May 2013 12:58:42 +0000 http://ar.tabrizi.org/?p=3183

للصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام عدة أولاد منهم الحسن والحسين عليهم السلام، علما ان علاقتها كانت بهذين الولدين تفوق علاقة أكثر الامهات في تاريخ البشرية وذلك نابع من كونهم ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم اضافة إلى كونهم النسل الطاهر لها، وبمقتضى علاقة الام بأبنائها ولقد حدثنا التاريخ عن نشوء هذه العلاقة بين الام من جهة وبين ابنائها ومن خلال الاحاديث المروية عن أهل البيت عليهم السلام من جهة اخرى، والذي نريد التركيز عليه هنا في هذا الموضوع الختامي لكتابنا هذا هو علاقة الصديقة الطاهرة فاطمة عليها السلام بولدها الحسين عليها السلام ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، الذي كان يلقمه حباً وحجراً دافأ خلال حياته الشريفة، كيف لا وكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ينظر إلى الحسين بأنه حامل فكره على مدى الزمن حياةً وشهادةً لكي يضيء من خلال ذلك للناس حياتهم الفكرية والاجتماعية والسياسية عبر مرّ العصور، وعلى أي حال فان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استمد من وراء الغيب علمه بأن بضعته الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام سوف يتفرع منها الغصن والثمرة الطيبة لأئمة أهل البيت عليهم السلام والذين يعملون اعباء الإمامة ويدعون الناس عبر مرّ الالسنين والاعوام إلى طريق الهداية والتقوى والصلاح في الدين والدنيا والاخرة لذا كان الرسول يولي اهتماماً بالغاً ببضعته الطاهرة عليها السلام وبولديها الحسن والحسين عليهم السلام، وفي الموضوع وعلى هذا الاساس سوف نولي اهتماما بارزاً من خلال النصوص بحياة الصديقة الشهيدة وعلاقتها انذاك بولدها الحسين عليه السلام مستمدين ذلك من آثار الرسول وأهل بيته وكلماتهم النورانية التي نشروها خلال سيرة حياتهم الشريفة والتي كلها دروس وعبر للمؤمنين على مر العصور والازمان.

الولادة الميمونة

مضت عدة ايام على ولادة الإمام الحسن عليه السلام وامتلأ البيت النبوي سروراً وفرحاً ولم تمض الايام القليلة حددها المؤرخين باثنين وخمسين يوماً حتى علقت سيدة النساء بحمل جديد ظل يتطلع إليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وسائر المسلمين بفارغ الصبر وكلهم رجاء وأمل في أن يشفع الله ذلك الكوكب بكوكب آخر ليضيء في سماء الأمة الاسلامية ويكون امتداداً لحياة المنقذ العظيم ۱ . ورأت السيدة ام الفضل بنت الحارث۲ في منامها رؤية غريبة لم تهتد إلى تأويلها، فهرغت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قائلة له:” إني رأيت حلماً منكراً كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري؟…” فأزاح النبي مخاوفها وبشرها بخير قائلاً:” خيراً رأيت، تلد فاطمة ان شاء الله غلاماً فيكون في حجرك…” ومضت الايام سريعاً فوضعت سيدة النساء فاطمة ولدها الحسين فكان في حجر أم الفضل كما أخبرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم ۳ .

إخبار فاطمة بقتل الحسين عليه السلام

عن ابي عبدالله عليه السلام: ان جبرئيل عليه السلام نزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا محمد إن الله يقرأ عليك السلام، ويبشرك بمولود يولد من فاطمة عليها السلام تقتله أمتك من بعدك.

فقال: يا جبرئيل، وعلى ربي السلام، لاحاجة لي في مولود تقتله امتي من بعدي، قال: فعرج جبرئيل إلى السماء، ثم هبط فقال له مثل ذلك.
فقال: يا جبرئيل وعلى ربي السلام، لاحاجة لي في مولود تقتله أمتي من بعدي، فعرج جبرئيل إلى السماء، ثم هبط فقال له: يا محمد إن ربك يقرؤك السلام، ويبشرك انه جاعل في ذريته الإمامة والولاية والوصية، فقال: قد رضيت، ثم أرسل إلى فاطمة عليها السلام أن الله” تبارك وتعالى” يبشرك بمولود يولد منك تقتله أمتي من بعدي، فأرسك إليه: أن لاحاجة لي في مولود يولد مني تقتله أمتك، من بعدك. فأرسل اليها ان الله جاعل في ذريته الإمامة والولاية والوصية فأرسلت: أني قد رضيت،” حملته أمه كرها ووضعته كرهاً وحمله وفصاله ثلاثون شهراً حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن اشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وان أعمل صالحاً ترضيه وأصلح لي في ذريتي إني تبت اليك واني من المسلمين”۴ .

وايضا عن ابي عبدالله عليه السلام قال: كان الحسين مع أمه صلى الله عليه وآله وسلم تحمله، فأخذه النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال: لعن الله قاتلك، ولعن الله سالبك واهلك الله المتوازرين عليك، وحكم الله بيني وبين من اعان عليك.
قالت فاطمة الزهراء عليها السلام: يا أبة، أيّ شيء تقول؟
قال: يا بنتاه، ذكرت ما يصيبه بعدي وبعدك من الاذى والظلم والغدر والبغي وهو يومئذ في عصبة، كأنهم نجوم السماء يتهاوون إلى القتل، وكأني أنظر بالى معسكرهم وإلى موضع رحالهم، وتربتهم، قالت يا أبة، وأبة، واين الوضع الذي تصف؟
قال الموضع يقال له:” كربلاء” وهي دار كرب وبلاء علينا وعلى الأمة.

يخرج عليهم شرار امتي، ولو أن أحدهم شفع له من في السماوات والأرضين ما شفعوا فيه وهم المخلدون في النار.
قال يا أبة، فيقتل؟ قال: نعم يا بنتاه، وما قتل قتلته أحد كان قبله، وتبكيه السماوات والأرضين والملائكة والوحش والنباتات والبحار والجبال، ولو يؤذن لها ما بقي على الأرض منقذ، ويأتيه من محبينا ليس في الأرض أعلم بالله ولا أقوم بحقنا منهم، وليس على ظهر الأرض أحد يلتفت إليه غيرهم، اولئك مصابيح في ظلمات الجور، وهم الشفعاء وهم واردون حوضي غداً، أعرفهم ـ إذا وردوا علي ـ بسيماهم. وكل أهل دين يطلبون ائمتهم وهم يطلبوننا ولا يطلبون غيرنا، وهم قوّام الأرض وبهم ينزل الغيث.
فقالت فاطمة الزهراء عليها السلام: يا أبة إنا لله، وبكت.
فقال لها: يا بنتاه، إن أفضل أهل الجنان هم الشهداء في الدنيا بذلوا أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقاً، فما عندالله خير من الدنيا وما فيها، قتلة أهون من ميتة ومن كتب عليه القتل خرج إلى مضجعه ومن لم يقتل سوف يموت.
يا فاطمة محمد، أما تحبين أن تأمرين غداً بأمر، فتطاعين في هذا الخلق عند الحساب؟ أما ترضين أن يكون ابنك من حملة العرش؟ أما ترضين أن يكون أبوك يأتونه يسألونه الشفاعة؟ أما ترضين أن يكون بعلك يذود الخلق يوم العطش عن الحوض، فيسقي منه أوليائه ويذود عنه أعدائه؟..

أما ترضين أن يكون بعلك مشيم النار بأمر النار، فتطيعه يخرج منها من يشاء، ويترك من يشاء. أما ترضين أن تنظرين إلى الملائكة على أرجاء السماء ينظرون إليك وما تأمرين به وينظرون إلى بعلك، قد حضر الخلائق وهو يخاصمهم عند الله، فما ترين الله صانع بقاتل ولدك وقاتلك وقاتل بعلك إذا أفلجت حجته على الخلائق وامرت النار أن تطيعه؟

اما ترضين ان تكون الملائكة تبكي لأبنك ويأسف عليه كل شيء؟
اما ترضين ان يكون من أتاه زائراً في ضمان الله، ويكون من أتاه بمنزلة من حج إلى بيت الله واعتمر ولم يخل من الرحمة طرفة عين، وإذا مات مات شهيداً، وأن بقي لم تزل الحفظة تدعو له ما بقي ولم يزل في حفظ الله وأمنه، حتى يفارق الدنيا.
قال يا أبة، سلمت ورضيت وتوكلت على الله فمسح على قلبها ومسح على عينيها وقال: إنّي وبعلك وانت وابنيك في مكان تقرّ عيناك ويفرح قلبك ۵ .

أول مأتم للحسين عليه السلام

عندما بشر جبرئيل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بولادة الحسين من ابنته الزهراء عليها السلام فرح فرحاً شديداً ولكن سرعان ما تبدد هذا الفرح وتحول إلى حزن وذلك عندما أخبر جبرئيل الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم بأن ولده هذا سوف يقتل من قبل امته في أرض تسمى كربلاء في العراق، ولكن الله سبحانه وتعالى على أثر شهادته وكرامةً له يجعل من صلبه تسعة من الأئمة الطاهرون المطهرون آخرهم قائمهم” عج” يملأ الله به الأرض عدلا وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، ولذلك كان أول مأتم عزاء حقيقي في تأريخ هذه الأمة عندما ولد الحسين عليه السلام حيث بكته أمه الزهراء وأباه أمير المؤمنين عليه السلام وكذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإلى ذلك أشار التأريخ عبر رواياته وتاريخه الحافل، حيث يقول الشيخ التستري في كتابه الخصائص الحسينية” ان أول مأتم للحسين اقيم في عهد هذه الأمة في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم” فلو نظرنا إلى قوله هذا نجد هناك قرينة واضحة البيان وهي” في عهد هذه الأمة” دالة على انه كانت هناك مآتم في غير عهد هذه الأمة.

اذن كانت هناك مآتم عزاء على الحسين عليه السلام من قبل الأنبياء والرسل الذين سبقوا خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولكن كيف اقاموا هؤلاء الأنبياء المآتم على الحسين، وكيف بكواعليه؟ هذا ما نجده واضحاً من خلال استقراء التاريخ حيث يخبرنا التاريخ أن ذلك كان ناتج من أخبار الله تعالى لهم بما يجري على الحسين وان يجعلوه وسيلة لقربة وان يدعوا على قاتليه باللعنة وسوء العذاب وهذا ما تراه في كتاب عوالم الإمام الحسين واضحاً وجلياً، اذن كان أول مأتم في عهد امه الزهراء حيث بكت عليه وناحت لأجله لذا لابد لنا ان نقوي علاقتنا مع الحسين لما له من تأثير كبير في زيادة علاقتنا بالصديقة الطاهرة فاطمة عليها السلام.

حب فاطمة عليها السلام للحسين عليه السلام

روي أنه دخل الحسن والحسين عليهما السلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوماً فشم الحسن في فمه الشريف وشم الحسين في نحره فقام الحسين واقبل إلى أمه فقال لها: اماه شمي فمي هل تجدين فيه رائحة يكرهها جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فشمته في فمه فإذا هو أطيب من المسك ثم جاءت به إلى ابيها فقالت له: ابه لم كسرت قلب ولدي الحسين فقال صلى الله عليه وآله وسلم مم؟ قالت: تشم اخاه في فمه وتشمه في نحره فلما سمع بكى وقال: بنيه اما ولدي الحسن فإني شممته في فمه لأنه يسقى السم فيموت مسموماً واما الحسين عليه السلام فإني شممته في نحره لأنه يذبح منالوريد إلى الوريد فلما سمعت فاطمة بكت بكاء شديداً وقالت: أبه متى يكون ذلك؟ فقال: بنية في زمان خال مني ومنك ومن أبيه وأخيه فأشتد بكاؤها ثم قالت: ابه فمن يبكي عليه ومن يلتزم بأقامة العزاء عليه؟ فقال لها: بنية فاطمة أن نساء أمتي يبكين عل نساء أهل بيتي ورجالهم يبكون على ولدي الحسين وأهل بيته ويجددون عليه العزاء جيلاً بعد جيل فاذا كان يوم القيامة انت تشفعين للنساء وانا اشفع للرجال وكل من يبكي على ولدي الحسين أخذنا بيده وادخلناه الجنة.

الحسين عليه السلام وحجر فاطمة عليها السلام

وعنت سيدة نساء عليها السلام بتربية وليدها الحسين فغمرته بالحنان والعطف لتكون له بذلك شخصيته الإستقلالية والشعور بذاتياته كما غذته بالآداب الإسلامية، وعودته على الإستقامة والإتجاه المطلق نحو الخير والصلاح، كيف لا، وهي ربيبة الوحي وسليلة التقوى فهي أم أبيها، وزوجة أمير المؤمنين، كيف لا ونحن نعلم ان الأم الطاهرة هي المدرسة الأولى للطفل فيها ينشأ وإليها يغدوا وعليها يربوا، وكما قيل:
الأم مـدرسة إذا اعــددتها اعددت شعباً طيب الأعـراق
الأم روض تعــهده الحـيا بـالري أورق ايـما ايـراق
الأم استاذ الأسـاتذة الالـى شغلت مآثرهم مدى الآفـاق.

هكذا هي الام فهي شمعة مقدسة تضيء ليل الحياة بتواضع ليل الحياة بتواضع ورقة وفائدة،فهي التي تصنع الحياة وهي الكنز الحقيقي الذي لا اضمحلال له، وكما قيل: مدرستي الأولى على صدر امي، وإني مدين بكل ما وصلت إليه وما أرجوا أن أصل إليه من الرفعة إلى أمي الملاك فالأم التي تهز السرير بيمينها تهز العالم بيسارها، وهكذا كانت الزهراء الام المثالية التي تربى في حجرها الحسين عليه السلام وغذته بالاخلاق الحميدة والخصال الرفيعة وإلى ذلك يقول العلائلي في كتابه الإمام الحسين ص ۲۸۹:” والذي انتهى إلينا من مجموعة أخبار الحسين ان امه عنيت ببث المثل الإسلامية الإعتقادية لتشييع في نفسه فكره الفضيلة على أتم معانيها، وأصح أوضاعها ولا بدع فأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أشرف على توجيهه أيضاً في هذا الدور الذي يشعر الطفل فيه بالإستقلال، فالسيدة فاطمة نمت في نفسها فكرة الخير، والحب المطلق والواجب ومددت في جوانحه وخوالجه افكار الفضائل العليا بأن وجهت المباديء الأدبية في طبيعته الوليدة، من أن تكون هي نقطة دائرتها إلى الله الذي هو فكرة يشترك فيها الجميع، وبذلك يكون الطفل قد رسم بنفسه دائرة محدودة قصيرة حين أدار هذه المباديء الأدبية على شخص والدته وقصرها عليها وما تجاوز بها إلى سواها من الكوائن، ورسمت له والدته دائرة غير متناهية حينجعلت فكرة الله نقطة الارتكاز، ثم أدارت المباديء الأدبية والفضائل عليها فاتسعت نفسه لتشمل وتستغرق العالم بعواطفها المهذبة، وتأخذه بالمثل الأعلى للخير والجمال…” لقد نشأ الحسين في تلك الأسرة الطبيعية الأعراف الطاهرة من الأدناس وفي حجر سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وقد صار بهذه التربية المثل الأعلى للأجيال حيث رسم الشهادة في جبين الإسلام كتضحية من أجل الأهداف التربوية التي تغذاها من حجر امه ومن ضمير جده ورعاية أبيه المرتضى، أجل إنّه الحسين الكبير ذلك الفذ من الأفذاذ الذي علموا البشرية وعلموا الأجيال كل طرق الخير والصلاح لا خير في أن يقول غاندي محرر الهند” تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فأنتصر”.

فاطمة عليها السلام يوم القيامة

للصديقة فاطمة عليها السلام يوم القيامة مواقف عديدة تقف فيها ضد قتلة الحسين وأنصارهم، فمنها عندما تأتي يوم القيامة وتقف في عرصات المحشر، فيأتيه الخطاب من الباري عزوجل… يا فاطمي: سلي حاجتك، فتقول يا رب… يارب أرني الحسين… فيأتيها الحسين عليه السلام وأوداجه تشخب دماً، وهو يقول: يا رب، خذ لي اليوم حقي ممن ظلمني، عند ذلك تقف سلام الله عليها مؤقتا موقفا شريفا من مواقف يوم القيامة، ثم تنزل عن نجيبها فتأخذ قميص الحسين عليه السلام بيدها ملطخا بدمه:
لابـد ان تـرد القـيامة فـاطم وقميصها بــدم الحسين ملطخ
ويل لمـن شـفعاؤه خـصمائه والصـور فـي القـيامة يـنفخ

وتقول يا رب، هذا قميص ولدي، وقد علمت ماصنع به، يا عدل، احكم بيني وبين قاتل ولدي… أنت الجبار العدل اقضي بيني وبين من قتل ولدي… فيغضب عند ذلك الجليل، وتغضب لغضبه جهنم والملائكة اجمعون… فيأتيها النداء من قبل الله عزوجل: يا فاطمة ! لك عندي الرضا فتقول يا رب انتصر لي من قاتله، فيأمر الله تعالى عنقا من النار فتخرج من جهنم، فتلتقط من جهنم قتلة الحسين بن علي عليه السلام كما يلتقط الطير الجيد من الحب الرديء، ثم يعود العنق بهم إلى النار فيعذبون فيها بأنواع العذاب، ولها مواقف آخر مع انصار الحسين واصحابه وشيعته وفيمن بكى عليه في الدنيا وأقام العزاء لمصابه الجليل حيث ورد في الأخبار الشريفة، انها تأتي يوم القيامة، فتقول ي رب حاجتي أن تغفر لي، ولمن نصر ولدي الحسين عليه السلام.

اللهم اشفعني فيمن بكى على مصيبته… الهي أنت المنى وفوق المنى، أسألك أن لا تعذب محبي ومحب عترتي بالنار… إلهي وسيدي ذريتي من النار ووعدك الحق وأنت لا تخلف الميعاد… فيأتيها الخطاب… يا فاطمة قد غفرت لشيعتك… وشيعة ولدك الحسين… يا فاطمة وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لقد آليت على نفسي من قبل أن اخلق السماوات والأرض بألفي عام أن لا أعذب محبيك ومحبي عترتك بالنار… فعند ذلك يود الخلائق أنهم كانوا فاطميين، فتسير فاطمة ومعها شيعتها، وشيعة ولدها الحسين عليه السلام وشيعة آمير المؤمنين عليه السلام آمنة روعاتهم، مستورة عوراتهم، قد ذهبت عنهم الشدائد، وسهلت لهم الموارد، يخاف الناس وهم لا يخافون، ويظماً الناس وهم لا يظمأون… عند ذلك تصر فاطمة عليها السلام وتسير إلى الجنة…

فتكون أول من تكسى ويستقبلها من الفردوس، اثنتا عشر ألف حوراء لم يستقبل أحداً قبلها ولا أحد بعدها على نجائب من ياقوتة اجنحتها وأزمتها اللؤلؤ عليها، حائل من درّ… فيجوزون بها الصراط حتى ينتهون بها إلى الفردوس… فيباشر بها أهل الجنان… فتجلسى على كرسي من نور ويجلس حولها، ويبعث إليها ملك لم يبعث إلى أحد بعد فتقول: قد أتم علي نعمته، وهنأني كرامته، وأباحني جنته، أسأله ولدي وذريتي ومن ودهم بعدي، وحفظهم من بعدي، فيوحي الله إلى الملك من غير أن يزول من مكانه: أن سرّها وبشرها أني قد شفعتها في ولدها ومن ودّهم بعدها وحفظهم فيها… فتقول عليها السلام: الحمد لله الذي أذهب عني الحزن وأقر عيني ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُم بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُم﴾.

* هذه المضامين ملخص احاديث من الكتب التالية: تفسيرفرات: ۱۶۹، ينابيع المودة: ۲۶۰، مجالس المفيد: ۸۴، عيون اخبار الرضا: ۲ / ۸ ح ۱۲، امالى الصدوق: ۲۵ ح ۴، علل الشرائع ۱ / ۱۷۹ ح ۶، دلائل الامامة: ۵۷، تأويل الايات: ۲ /۴۸۳ ح ۱۲، روضة الواعظين: ۱۷۹، مناقب ابن شهر آشوب: ۳ / ۱۰۷ بشارة المصطفى: ۲۲٫ أنظر الأسرار الفاطمية / محمد فضل المسعودي البحث السادس عشر.

—————————————————————————————

۱-حياة الإمام الحسين للشيخ القرشي: ۱ / ۲۵٫
۲-راجع ترجمتها في الطبقات الكبرى: ۸ / ۲۷۸، والاصابة: ۴ / ۴۶۴٫
۳-مستدرك الصحيحين: ۳ / ۱۲۷ عن حياة الإمام الحسين للقريشي: ۲۶٫
۴-كامل الزيارات: ۵۶/ الكافي: ۱ /۴۶۴ ح ۴، اثبات الهداية: ۱ / ۴۱۴ ح ۱۳٫
۵-تفسير فرات الكوفي: ۱۷۱، عنه البحار: ۴۴ | ۲۶۴ ح ۲۲٫

]]>
من مواعظ وحكم الإمام الكاظم عليه السلام http://portal.tabrizi.org/?p=2992 Sun, 01 Jan 2012 13:29:59 +0000 http://ar.tabrizi.org/?p=2992

روي عن الكاظم عليه السلام أنه قال: صلاة النوافل قربانٌ الى الله لكل مؤمن.
والحج جهاد كل ضعيف.ولكل شيء زكاة، وزكاة الجسد صيام النوافل.
ومن دعا قبل الثناء على الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله كان كمن رمى بسهم بلا وتر.

ومن أيقن بالخلف جاد بالعطية، وما عال امرىً اقتصد. والتدبير نصف العيش. والتودّد الى الناس نصف العقل. وكثرة الهم يورث الهرم، والعجلة هي الخرق. وقلة العيال أحد اليسارين. ومن أحزن والديه فقد عقّهما.ومن ضرب بيده على فخذه، أو ضرب بيده الواحدة على الاُخرى عند المصيبة فقد حبط أجره، والمصيبة لا تكون مصيبة يستوجب صاحبها أجرها إلاّ بالصبر. والاسترجاع عند الصدمة.

والصنيعة لا تكون صنيعة إلاّ عند ذي دين أو حسب.والله ينزل المعونة على قدر المؤونة، وينزل الصبر على قدر المصيبة.ومن اقتصد وقنع بقيت عليه النعمة، ومن بدر وأسرف زالت عنه النعمة.وأداء الأمانة والصدق يجلبان الرزق، والخيانة والكذب يجلبان الفقر والنفاق.

واذا أراد الله بالذرة شراً أنبت لها جناحين فطارت فأكلها الطير.

ومن عجّل ما وعد فقد هنئ العطيّة.

وقال عليه السلام: كلّما أحدث الناس من الذنوب مالم يكونوا يعملون أحدث الله لهم من البلاء مالم يكونوا يعدّون.

وقال عليه السلام: إذا كان الإمام عادلا كان له الأجر وعليك الشكر وإذا كان جائراً كان عليه الوزر وعليك الصبر.

ورأى رجلين يتسابّان فقال عليه السلام: البادي أظلم ووزره ووزر صاحبه عليه مالم يعتد المظلوم.۱

 

——————————————————-

۱- هذه الحكم والمواعظ من كتاب تحف العقول/ ابن شعبعة الحراني ص ۴۳٫
رجوع

]]>
علي الأكبر: نشأته وترعرعه عليه السلام http://portal.tabrizi.org/?p=2968 Mon, 05 Dec 2011 13:04:35 +0000 http://ar.tabrizi.org/?p=2968

ولد علي في بيت يتمتع بالحضور الكامل للإيمان والتقوى بيت رحب الفكر واسع المعرفة مزدحم بالصالحين والطاهرين والذين لا تأخذهم في الله لومة لائم، الذين لا يفتأون يحرصون على صيانة مبادئ رسالتهم، ويتمسكون بحرفيتها، ويرفعون ألوية العقيدة عالياً.. بيت هو العقيدة بذاتها، الأمر الذي يفسر دعوة الله للناس كي يحبوا ذلك البيت ويوادوه، ويحاربوا من يكرهه ويعادوه.. بيت عامر بكل ما يمت للإسلام بصلة وللحق والحقائق بروابط وعلائق.

ومن شأن الوليد الذي يفتح عينه في أجواء الصفاء لبيت الصفوة، وأوساط الشرف والسؤدد، وبيئة الخير والصلاح والهدى، من شأنه أن ينشأ على إفاضات ذلك البيت النبيل، وقبسات أهل ذلك البيت من الرجال الذين أنيطت بهم حراسة القضية الإسلامية، وصيانة الشرع الشريف، وحفظ الدين المحمدي الحنيف.

نشأ وهو يرتشف لبن صدور المؤمنات التقيات، وقد تشرب بأخلص العواطف وصادق الحنان، وراح جسده ينمو وتنمو مشاعرهُ السليمة وروحه الطاهرة، ونفسه السوية، أكل وشرب مما أنعم الله به حلالاً طيباً لا يأتيه الباطل والشبهة .. نشأ على أسمى معاني المؤمنين الأتقياء، ومزاحهم الجميل معه.

فمادته ومعنوياته من فيض حوض طاهر نقي، بمعنى أن جسده وروحه تنزها عن الشوائب المكدرة والأدران المقيتة.

ترعرع علي الأكبر في تلك الأوساط النظيفة، حيث قضى سني حياة صباه يدرج بين صفوة الرجال وصفوة النساء، وخيرة الفتيان والصبيان، بين شخصيات جليلة القدر وشباب يسمون نحو الكمال والعز والإباء.

نشأ وترعرع وهو ملء العين، فتخطى الزمن وتجاوز الأيام، مضى يقضي أياماً زاهرة وليالي مباركة، وأشهراً وسنيناً خالدات، متسلقاً الدهر، يعلو فوق هامة التاريخ شخصاً فريداً في مجمل خصوصياته، وشاباً خلاّقاً في ربيع حياته، فرجلاً بطلاً ينفرد في مميزات جمة وجليلة سامية.. إذ نال من التربية ما يصعب على الكثيرين حصوله ونيله، حتى أبناء الملوك والأمراء، أبناء الأكاسرة، والقياصرة، وما هو وجه الشبه حتى نذكر ونمثل بأبناء الملوك؟!

تربيته
شب نحو العُلى والكمال، فهو بمستوى تعاطي القيم والمثل والتربويات القيمة، والحق أن آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مكيفون لذلك منذ الصغر بدءاً من نعومة أظفارهم أي لا يشترط فيهم بلوغ سنٍ معينة ليكونوا على استعداد لأمر ما، كالتربية مثلاً التي تساير نشأتهم وترافق ترعرع صغارهم الكبار.

أخذ علي الأكبر من التربية الشيء الكثير – دون أن نستكثره عليه سلام الله عليه – وذلك من أعضاء الأسرة الرسالية سواءً الرجال أو النساء، وخصوصاً والده الإمام الحسين الذي يقع عليه عبء إعدادهِ وتعبئتهِ (إن صح قولنا عبء)، والحق أن ذلك لم يكن عبئاً بنظرتهم، أهل البيت، لأنه من أخص خصوصياتهم، فلا يصعب عليهم تكوين النموذج الحي في التربية.

لقد ندرك ببساطة عوامل بلوغ أحدهم مستوىً تربوياً عالياً جداً، وهي بعض عوامل تضلعهم العلم واضطلاعهم بالحكمة فضلاً عن التربية بالذات، وذلك عندما نأخذ بنظر الاعتبار وجود العناصر، أو توفر المقدمات الأساسية هذهِ سلفاً، وهي:
خلو الشخصية من الشوائب السلبية المعكرة والرافضة للإيجابيات والنافرة من الصفاء.
طهارة الروح، وصفاء النفس.
سلامة الضمير.. والتجاوب مع الوجدان.
نزاهة المشاعر، وسمو الأحاسيس..
التطلّع للأفضل والتوق للأحسن .
السعي للاقتراب من الكمال وبلوغ مستوى المسؤوليات ومستوى حمل الرسالة.

هذه كلها مجتمعة تشكل تربة الأرض الخصبة لبذر بذور التربية وغرس أشجار التربية الراسخة الأصول، الضاربة الجذور.. الثابتة في الواقع طالما تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها..

لقد كانوا – أهل البيت – يحرصون على تطبيق نظرياتهم التربوية الرحبة، ويشددون على ضبط الأساليب التهذيبية، ويخلصون في ممارستهم المنهجية من أجل إعداد الإنسان، إعداداً لا يقبلونه إن لم يكن معادلاً لمهامه ومعادلاً لواجباته ومخاطر مسؤولياته الموكل بها..

انهم لا يقلدون أحداً أو فئة في طرائق التربية، وانما لهم عمقهم الفكري وبعد نظرتهم وإبداع أساليبهم، وممارساتهم المبتكرة، انهم يأخذون من الإسلام ما فيه من شذرات ليضيفوا إليها ليوضحوها ويفصلوها بتحويلها إلى فعل وعمل، إلى ترجمة حيوية صادقة، وذلك بجرها جراً إلى حيز التطبيق، لتدخل دائرة التجربة المؤكدة النجاح والحتمية العطاء..

أضف إلى تلك الممارسات الجادة، امتلاكهم للخبرة الواسعة جداً وإدراكهم للمناهج الفاشلة في هذا المضمار.

ثم إن خريج مدارسهم إنسان رفيع في التربية،عالٍ في العلم، علواً يؤهله وبجدارة لأن يكون هو بشخصه مربياً ومعلماً ينهج ويبدع في المنهج الإسلامي، بل يكون هو بالذات مدرسة مستقلة كفيلة باستيعاب المجتمع وتقديم العطاءات الاصلاحية له، لأن خريج مدارسهم مكيف لذلك جاهز له بحكم مضمونه ومحتواه وكل إناء بالذي فيه ينضح.

ولمن يريد الوقوف على مدارس التربية عند أهل البيت ومناهجهم الواعية، ولمن يريد التوفر على نظرياتهم الثرية، فما عليه إلا أن يراجع مذخوراتهم والثروة الكبيرة من التراث الذي خلفوه. سلام الله عليهم.

ان خصوصيات مناهجهم، التربوية قد انعكست على مواقفهم الصارمة الحاسمة، ففوق أنها سر كمالهم، فهي تفسير مواقفهم المبدئية وقراراتهم الخطيرة التي آلوا على ألا يفرطوا في جنبها.

ونحن إذ نمجد، والمسلمون إذ يمجدون ذلك فيهم فليس من باب الزهو بهم، وانما من باب التأثر والاقتداء بهم لندرك أسرار سيرتهم وأبعاد أعمالهم الصعبة وأمرهم المستصعب، الذي عجز الرجال عن تحمله لافتقارهم للرجولة ولأن رجولتهم الضعيفة تنقصها تربويات الإسلام وفق منهاجه التام..

أوصافه وصفاته
تمتع آل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأوصاف جميلة وصفات جليلة، أوصاف ظاهرة على شخصياتهم للعيان وصفات كامنة تتجلى منهم عند التعرف إليهم ومعايشتهم كما لاحظها وعاشها المعاصرون لهم.

تمتعوا بتجميع الكمالات لديهم دون استثناء أو افتقار لشيء صغير أو كبير.. تمتعوا بتجمع كبريات المواصفات وحسنيات الصفات النبيلة الساميات، فلم يتركوا جميلاً جليلاً إلا ولهم فيه خصوصية، وما من قبيح حقير إلا ولهم في النهي عنه وحربه ممارسات وظيفية.

ذلك لأن تمتعهم بما ذكرنا هو من أخص خصوصياتهم، التي أهلتهم للرسالة، بل هو من أهم اختصاصاتهم – بتعبير أدق -، إذ أنهم ينبغي أن يكونوا في مستوى ما يدعون إليه، وليس من المعقول أن يكونوا رواداً لنظريات ومبادئ، وهم بعيدون عنها أو يفتقرون لمؤهلاتها ومتطلباتها سواء أثناء الدعوة أو خلال التطبيق لما لديهم من مقررات، فالنظرية والتطبيق مما لا يمكن فصلهما قط.. وبذلك فان اختصاصهم الفعال هو كونهم المثل الأعلى، والقدوة الحسنى.

ولو قمنا باستقصاء النظر في مميزاتهم، واستقرأنا مواصفاتهم وأخص خصوصيات شخصياتهم، لما عدونا علي الأكبر عنهم فيما كانوا عليه مما لم يشاركهم أحد فيه. بل هو في ذروة المميزات وله الحظ الأكبر والقسط الأوفر منها، بحكم أنه شبيه جده النبي صلى الله عليه وآله وسلم، الذي حاز قصب السبق إذ كان الأول كما كان المنبع والمصدرصلى الله عليه وآله وسلم.

وما قولنا بأنه شبيه جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مأخوذ من راوٍ أو مؤرخ أو شاهد عيان بسيط ومعاصر عادي، وإنما هو مأخوذ عن شاهد دقيق النظر، صادق صدوق، فقد صرح بذلك والده الإمام الحسين عليه السلام، وعنه روى الراوي وأرخ المؤرخ. سيما وأن الإمام أعرف الناس برسول الله، وأكثرهم التصاقاً به وأشدهم تعلقاً به كما أنه ورث منه واكتسب عنه، فلما ولد نجله علي الأكبر وشب يافعاً، فقد أخذ يوحي بصورته وأخلاقه ومنطقه إلى الرسول، فأضحى ذكراه وتذكاره حتى كان الناس – من أهل المدينة – يشتاقون لرؤياه، سلام الله عليه .. ثم ليس أكثر من أبيه الإمام الحسين حضوراً لملامح جده ومعالم تلك الشخصية العظيمة.. وعليه فان كلامه – والذي سنسجل نصه في القسم الثاني بمكانه المناسب – الذي يؤكد محاكاة علي للنبي وأنه أشبه الناس به خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً، كلام بمستوى الحضور الحقيقي.

وكان علي الأكبر من أصبح الناس وجهاً، وأحسنهم خلقاً حسبما اتفق المؤرخون فضلاً عن اتفاقهم واجماعهم على مضمون تصريح أبيه الحسين من كونه مثيل الرسول من حيث الخلقة، والأخلاق، والنطق.

إجلاء الشخصية الحيوية السامية، لا لأنها منتسبة إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وإنما لما اتسمت به مما توفر في شخص الرسول بالذات، ولمضمون الشخصية ومحتواها، وبحكم أنها تشكل المثل الأعلى.

إن الانتساب للرسول كان يكفي للاحترام والامتناع عن القتل، ولكن الأوصاف والصفات كانت تشكل حجة أكبر بجمعها مع النسب الشريف المقدس، ومن هنا كان العدو يخشى قتل علي الأكبر أو يتجنبه كما قيل، لا لأنه سليل الرسول بل لما فيه من اجتماع لمواصفات الرسول بيد أنهم تناسوا ذلك كله فانتهكوا حرمته.

إن أوصافهم وصفاتهم تعطي إيحاءات راقية ومفاهيم خلقية وقيماً ومثلاً نبيلة، لها دورها في إبراز مصداقية المعاني السامية الكريمة التي تكمن فيهم والتي يتسربلون بها.

وأخيراً فمن الضروري جداً إدراك هذه الناحية وهي أنه ليست المميزات المتطابقة مهمة بقدر أهمية تطابق المواقف الرسالية.. وقد شهد التاريخ لعلي الأكبر مواقف جده الصلبة الصارمة، وشهد له أنه شبيه جده رسول الله خلقاً وخُلقاً ومنطقاً وموقفاً وعملاً..

فنحن إذ نقف على الخصال الخيرة المتطابقة، فليس على حساب تطابق النتائج، لاسيما وأن ثمة علاقة بين المميزات المتشابهة – كمقدمات – وبين المواقف المصيرية – كنتائج – ولنختم هذا الفصل ببيتين لشاعر الرسول حسان بن ثابت الذي قالها في علي الأكبر وهي:

وأحسن منك لم تر قط عيني****وأجمل منك لم تلد النساء
خلقت مبرّءاً من كل عيـب****كأنك قد خلقت كما تشـاء .

]]>
شهادة الإمام الكاظم ( عليه السلام ) http://portal.tabrizi.org/?p=1829 Tue, 06 Jul 2010 14:00:24 +0000 http://tabrizi.org/ar/?p=1829 imam-kazem

عاصر الإمام الكاظم ( عليه السلام ) خلال فترة إمامته أربعة من الخلفاء العباسيين ، و هم : المنصور، المهدي ، الهادي ، الرشيد . و قد زخرت هذه الفترة بالأحداث و الوقائع التاريخية الخطيرة ، و كان من أبرز تلك الوقائع ، هي الثورات و السجن و الملاحقات و القتل الفردي و الجماعي لآل علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) ، و بني عمومتهم من الطالبِيّين . فالولاة يحكمون ، و يعبثون ، و يتصرفون كيف شاءوا ، ما زالوا محافظين على طاعة الخليفة . لأن المطلوب هو الولاء للخليفة العباسي لابَسط العدل و إقامة أحكام الإسلام ، و في مثل هذه الأوضاع كان طبيعياً ، أن ينال الإمام ( عليه السلام ) الظلم و السجن و الاضطهاد .

فأمر الرشيد بنقل الإمام من سجن الفضل إلى سجن السندي بن شاهك ، و الأخير كان شريراً لم تدخل الرحمة إلى قلبه ، و قد تَنكّر لجميع القِيَم . فكان لا يؤمن بالآخرة و لايرجو لله و قاراً ، فقابل الإمام ( عليه السلام ) بكل قسوة و جفاء ، فَضَيّق عليه في مأكله و مشربه ، و كَبّله بالقيود . و يقول الرواة : ( إنه قَيّده ( عليه السلام ) بثلاثين رطلاً من الحديد ) . و أقبل الإمام ( عليه السلام ) على عادته على العبادة ، فكان في أغلب أوقاته يصلي لربه ، و يقرأ كتاب الله ، و يُمجّده و يَحمُده على أنْ فَرّغه لعبادته .

كتابه إلى هارون :

و أرسل الإمام ( عليه السلام ) رسالة إلى هارون الرشيد ، أعرب فيها عن نقمته عليه ، و هذا هو نَصّها : ( إِنّه لن يَنقضي عَنّي يوم من البلاء ، حَتى ينقضي عَنك يوم من الرّخَاء ، حتى نَفنَى جميعاً إلى يومٍ ليس فيه انقضاء ، و هُناك يَخسرُ المُبطلون ) . و حكت هذه الرسالة ما أَلمّ بالإمام ( عليه السلام ) من الأسى في السجن ، و أنه سيحاكم الطاغية هارون الرشيد أمام الله تعالى في يوم يخسر فيه المبطلون .

شهادته ( عليه السلام ) :

عهد هارون إلى السندي باغتيال الإمام ( عليه السلام ) ، فَدُسّ له سُمّاً فاتكاً في رطب ، و أجبره السندي على تناوله . فأكل ( عليه السلام ) مِنهُ رطبات يسيرة ، فقال له السندي : زِد على ذلك . فَرَمَقَهُ الإمام ( عليه السلام ) بَطَرْفِه ، و قال له : ( حَسبُكَ ، قد بَلغتُ ما تحتاجُ إليه ) . و تفاعل السم في بدنه ( عليه السلام ) ، و أخذ يعاني الآلام القاسية ، و قد حفت به الشرطة القُساة . و لازَمه السندي ، و كان يُسمِعُه مُرَّ الكلام و أقساه ، و مَنعَ عنه جميع الإسعافات لِيُعَجّل له النهاية المَحتومة . و لما ثقل حاله ( عليه السلام ) ، و أشرف على النهاية ، استدعى المُسيّب بن زهرة ، و قال له : ( إني على ما عَرّفتُك من الرحيل إلى الله عزَّ و جلَّ ، فإذا دَعوتُ بِشُربة من ماءٍ فَشربتُها ، و رأيتني قد انتَفَختُ ، و اصفَرَّ لوني و احمَرَّ و اخضَرَّ ، وَ أتَلَوَّنُ ألواناً ، فأخبر الطاغية بوفاتي ) .

فقال المُسيَّب : فلم أزلْ أراقب وَعده ، حتى دعا ( عليه السلام ) بشربة فَشربَها ، ثم استدعاني فقال : ( يا مُسيَّب ، إن هذا الرِّجس السِّندي بن شَاهك سَيزعم أنه يتولَّى غسلي و دفني ، و هيهات هيهات أن يكون ذلك أبداً ، فإذا حُمِلت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فَألحِدُوني بها ) .

قال المُسيَّب : ثم رأيتُ شخصاً أشبه الأشخاص به جالساً إلى جانبه ، و كان عهدي بسيِّدي الرضا ( عليه السلام ) ، و هو غلام ، فأردت أن أسأله ، فصاح بي سيدي الكاظم ( عليه السلام ) ، و قال : ( أَليسَ قَد نَهَيتُك ؟! ) . ثم إنه غاب ذلك الشخص ، و جئتُ إلى الإمام ( عليه السلام ) ، فإذا به جثة هامدة قد فارق الحياة ، فانتهيت بالخبر إلى الرشيد . و كانت شهادته ( عليه السلام ) في ( ۲۵ ) رجب من سنة ( ۱۸۳ هـ ) .

فخرج الناس على اختلاف طبقاتهم لتشييع جثمان إمام المسلمين و سيد المتقين و العابدين ، و خرجَت الشيعة ، و هي تلطم الصدور ، و تذرف الدموع ، و خرجت السيدات من نسائهم ، وَ هُنَّ يَندبْنَ الإمام ( عليه السلام ) ، و يرفَعْنَ أصواتَهُنَّ بالنياحَة عليه ( عليه السلام ) . و سارت مواكب التشييع في شوارع بغداد ، و هي تردد أهازيج اللوعة و الحزن . و سارت المواكب متجهة إلى محلة باب التبن و قد ساد عليها الحزن ، حتى انتهت إلى مقابر قريش في بغداد . فَحُفِر للجثمان العظيم قبر ، فواروه فيه ، و انصرف المشيعون ، و هم يعددون فضائله ( عليه السلام ) ، و يَذكُرون بمزيد من اللَّوعة الخسارةَ التي مُني بها المسلمون . فَتَحيَّات من الله على تلك الروح العظيمة ، التي ملأت الدنيا بفضائلها و آثارها و مآثرها .

]]>