العلم – مدرس آیت الله العظمی میرزا جواد تبریزی ره http://portal.tabrizi.org Mon, 11 Apr 2011 10:45:13 +0000 fa-IR hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.6.2 ما هي صفات طالب العلم، أرجو أن تنصحوننا؟ http://portal.tabrizi.org/?p=2499 Mon, 11 Apr 2011 10:45:13 +0000 http://tabrizi.org/ar/?p=2499 altalabate2

ما هي صفات طالب العلم الجيد، أرجو أن تنصحوننا؟

إن لفترة الشباب دور أساس في مستقبل طالب العلم، فإذا ما بنى نفسه وأحسن الاستفادة من وقته فإن مستقبله سيكون لامعاً مضيئاً، ومتانة الدراسة واكتساب المعنويات والتقرب إلى الله تعالى، وتهذيب النفس اُمور إن أولاها طالب العلم أهمية منذ أيام شبابه وابتداء دراسته الحوزوية( ۱ ) فإن توفيقه أمر محتم، ادرس لله واترك الأمر لله تعالى وستكسب النورانية بإذن الله التي ستعقبها السعادة الدنيوية والاُخروية.

واغتنم الفرص فإن الشباب سرعان ما يمضي وفقك الله.

—————————————————————

پی نوشت :

(۱) يقول الحاج كريم رهبر شقيق الميرزا جواد التبريزي المقدّس: قرر الميرزا التبريزي مع اثنين من زملاءه في المدرسة العصرية ترك مدرستهم والالتحاق بالحوزة العلمية، فأخفق الأول من زملاءه في المتابعة وعاد إلى مدرسته بعد أيام من تركها، وأما الثاني فكان حظه كحظ الأول إذ لم يستطع المتابعة فعاد بعد زميله الاول بايام إلى مدرسته لكن الميرزا كان قد شرع درسه الحوزوي بكل جدّ وحزم، ولا يفوتني أن أذكر بالذكاء الذي كان يتمتع به الميرزا فقد حاز في الدراسة العصرية على المرتبة الاُولى في الفصل الأول لكل منطقة آذربيجان، وبعد مرور عدة أيام قام مدير المدرسة بالاستعلام من والدي عن سبب تغيب الميرزا المرحوم فأجابه الوالد: إنه لا يرضى بالعودة إلى المدرسة ويرغب بأن يصبح من علماء الدين، لكن مدير المدرسة لم يقنعه ذلك الكلام فقرر التكلم مع نفس الميرزا+.

يتابع الحاج كريم رهبر قائلاً: فقام المدير بشراء بعض الهدايا وقصد حجرة الميرزا في المدرسة الطالبية التابعة للحوزة العلمية في تبريز وشرع بتقديم النصح له: بني! إنّ لك مستقبلاً نيّراً تستطيع أن تحصل على رتبة علمية كبيرة تفيد بها المجتمع و… واصر عليه كثيراً غير ان الميرزا مع كل احترامه لمدير المدرسة أجابه بالقول: «إنني أرغب أن أخدم في هذا السلك»، وعبثاً راحت جهود المدير في تقديم الوعود الكثيرة للميرزا باعطاءه الامتيازات ومساعدته في اُمور شتى حيث رفضها جملة وتفصيلاً وقال: «انني أرغب أن أكون طالب علم وأخدم الدين والمذهب وهذا هو الطريق الذي اخترته وسأطويه إلى آخره باذن الله تعالى».

وفي النهاية بلغ الميرزا بتلك النية الطاهرة ما كان يأمله من الأهداف الالهية وتمكن من تربية تلامذة أخيار وترك العديد من المؤلفات العلمية المفيدة، وقد وفق لاحداث تحول كبير في الحوزة العلمية في قرنه، فقد ترك جيلاً من أساطين الحوزة العلمية الأقوياء الذين تتلمذوا على يدي الفقيد الراحل.

– قال الحاج مير علي أكبر فردوس (وهو من خيّرين ومتديني تبريز، وكان على علاقة ومعرفة بالفقيه المقدس الميرزا التبريزي+ من زمن دراسته في المدرسة الطالبية في تبريز وكان وكيلاً وأميناً للميرزا في تبريز) في جمع من الناس: كان من الواضح التفات الطلاب إلى الميرزا حينما كان يتردد في المدرسة الطالبية واشارة بعضهم إلى بعض قائلين: انه طالب كثير الفضل موفق في دراسته وتحصيله، وكانوا يستغلون كل فرصة للاستفادة منه.

وأما مقامه العلمي فقد كان واضحاً على ذلك الشاب الذي كان يتمشى في المدرسة الطالبية ذلك الوقت، فقد كان يصرف جميع وقته في الدرس والبحث وكان عاشقاً لطلب العلم، وكان الطلاب يسعون لاستغلال فرصة تردده في أنحاء المدرسة أو أي فرصة ممكنة للاستفادة من علومه الغزيرة، وكان يتوقف لهم ويجيبهم على اشكالاتهم واستفهاماتهم بكل محبة، وكان يفرع على كل سؤال يتوجه إليه العديد من الفروع الاُخرى ويغني السائل من علمه.

– يقول حجة الاسلام والمسلمين السيد مرتضى الموسوي: لقد كان الميرزا التبريزي+ عجيباً في التزامه بالدروس; فقد كان موفقاً ومحطاً للعناية الالهية حيث أنه لم يعطل دروسه حتى ليوم واحد ضمن السنوات الخمسة عشر التي درستها عنده اللهم ما عدا يوم واحد! وقد تعجبنا كثيراً حينما أعلن عن تعطيل ذلك اليوم، فقد توجهت مع مجموعة من الأصدقاء إلى بيت الميرزا ذلك اليوم لنطمئن عن أحواله، فاستقبلنا ورحب بنا، ومن ظاهر حاله عرفنا أنه محموم.

ومن الاُمور الملفتة للنظر والتي تستحق الذكر وليس لها تفسير سوى عناية ولي العصر× به+ وهي تنظيم الدروس طوال السنوات الأربعة التي كان فيها مريضاً حيث كانت دروسه مستمرة ومنظمة طوال فترة العلاج، ولم يمنعه ذلك عن الاستمرار كما لم يدفعه ذلك إلى تعطيل الدرس، وهذا لم يكن ليحصل لولا عناية الحجة ابن الحسن العسكري×. لقد استمر بالقاء دروسه إلى آخر أيام الدرس في الحوزة العلمية واشتد مرضه في أيام عطلة الحوزة ، وبعد ۲۵ يوماً على اشتداد المرض التحق للقاء ربه.

ان للميرزا مكانة كبيرة في قلوب تلامذته، حيث لايعقد مجلس من المجالس التي يتجمعوا فيها إلا ويتناقلوا فيه ذكر الميرزا+، لقد كان الميرزا التبريزي+ حارساً أميناً مدافعاً عن مباني التشيع الحقة وناقلاً لعلوم آل محمد واليوم تفتخر الحوزة العلمية بتلامذة ذلك الفقيه المقدس، إنّ التحول العلمي في الحوزة العلمية كان رهناً لجهاد ذلك العالم الحر، اللهم زد في علو درجاته آمين يارب العالمين.

يقول الشيخ اسماعيل الكلداري البحراني: استيقظت صباح أحد أيام الشتاء فرأيت الثلج قد لف جميع أنحاء البيت، فوقعت في حيرة التردد بين الذهاب إلى الدرس وبين البقاء في البيت، أما في الخارج فقد كانت السماء تجود بما لديها من الثلوج وبعد جهد جهيد هيّأت نفسي وخرجت من البيت متجهاً إلى الدرس، وكان طريقي يمر من جانب حرم السيدة المعصومة÷، كانت الشوارع خالية من المارة لشدّة المطر وبرودة الجو، وفي أثناء الطريق إذا بي أرى طالب علم يمشي في ذلك الجو وقد غطّى رأسه بعبائته والسماء لا زالت ترسل بثلوجها الغزيرة، فغطت الثلوج عباءة ذلك الطالب، ولما اقتربت منه عرفت أنه الميرزا التبريزي+، كان يحمل بيده كتاب وسائل الشيعة فإذا بقدماي تضعفان عن المشي، وللحظة رحت أحدق بذلك الوجه النوراني ورحت اُحدّث نفسي بالرغم من كونه نائب الامام × ومع هذ السن المتقدم إلا أنه يجدّ السير إلى الدرس وأنا الشاب اُحدث نفسي بعدم المضي إلى الـدرس؟! فتأثرت لهذا المنظر كثيراً و كلما تذكرت هذا المشهد أغـوص فـي فكري واُحدث نفسي; إلهي كم هؤلاء مقربون من ساحة قدسك يصلون الليل

– بالنهار سعياً لحفظ الدين ونشر المذهب، وقد أحدث هذا المنظر تغييراً جذرياً في طريقة دراستي، رحم الله الميرزا فقد كانت جميع حركاته دروساً وعبر، لقد كان درسه الاول الذي علمنا اياه هو الولاء وحب أهل البيت^ وأوجد في قلوبنا تحولاً عظيماً، ثم علمنا بفعله وعمله كيفية طلب العلم والجدّ في التحصيل طابت ذكراه. يقول حجة الاسلام والمسلمين الشيخ حسين الكاتبي: لم اُسجّل على الميرزا التبريزي+ تعطيلاً واحداً في طول العشرين السنة التي درست فيها على يديه، فقد كنت أحضر درسي الميرزا الصباحي والمسائي، وفي أحد الأيام لم يحضر الميرزا إلى الدرس المسائي، فقلت لبعض الطلبة: وأخيراً سجلنا على الشيخ تغييباً واحداً! وتهيّأ الطلاب للخروج من مجلس الدرس وإذا بنا نرى الميرزا يدخل المسجد (محل الدرس)، فهمس الطلاب باذن بعضهم البعض:حتى في هذا اليوم الذي توقعنا فيه تعطيل الدرس قد حضر الميرزا+. سُئل الميرزا عن سبب تأخره عن الدرس؟ فأجاب: «لقد كانت ساعتي غير مضبوطة فوقع فيها الاشتباه لهذا لم أتمكن من الحضور في الوقت المقرر»، فإذا استثنينا بعض أيام المرض فإننا لا نجد الميرزا قد تغيب عن درسه، لقد كان يحترق بكل عشق كالشمعة ليربي طلاباً فضلاء مفيدون، وقد وفق بلطف الله تعالى في هذا واليوم نرى تلامذة هذا العالم الرباني يديرون دفة السطوح العالية في الحوزة العلمية.

يقول حجة الاسلام والمسلمين الشيخ رضا الانصاري: ذات يوم لم يحضر خادم حسينية أرك فبقي الباب مقفلاً لذا فان أغلب الطلاب الذين تجمّعوا على باب الحسينية تفرقوا شيئاً فشيئاً بعد أن يأسوا من مجيء خادم الحسينية، وفي هذه الأثناء جاء الميرزا التبريزي+ وبعد اطلاعه على الأمر وبدل أن يعلن تعطيل الدرس توجه

– إلى ما تبقى من الطلاب قائلاً: «اليوم نتابع درسنا في سرداب منتدى جبل عامل (بجانب حسينية أرك)».

وتوجه الميرزا إلى المكان المذكور وتبعه بقية الطلبة وتابع بحثه كما في سائر الأيام الاُخرى.

يقول حجة الاسلام والمسلمين الشيخ رضا الانصاري: ذات يوم وبينما كان الميرزا التبريزي+ يلقي درسه في حسينية أرك ايام الحرب المفروضة إذا بصفّارة الإنذار يعلو صوتها، وكان علامة على هجوم جوي للعدو الكافر، وفي هذه الأثناء وفي جو من الخوف والوحشة تهتز الحسينية على أثر انفجار مهيب، وكان من الشدة بحيث تناثر التراب من سقف الحسيينة على رؤوس الطلاب، وبعد هدوء الوضع قام الميرزا التبريزي+ بعد اطمئنانه على سلامة الطلاب باكمال الدرس طبق البرنامج اليومي.

طيّب الله روحه وذكراه وأكثر الماشين على خطاه، فإنه إضافة إلى التحول الكبير الذي أحدثه في السلك العلمي للحوزة كان المدافع الصادق عن الولاية كذلك، وقد أحدث فقده اليوم خلأ محسوساً.

إنا لله وانا اليه راجعون، رحمة الله عليه رحمة واسعة وحشره الله مع النبي المصطفى وآله الطاهرين الأطيبين، صلوات الله عليهم أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

اخذت من کتاب النصایح آیة الله العظمی المیرزا جواد التبریزی (ره)

]]> نيّة و صفات طالب العلم http://portal.tabrizi.org/?p=2126 Sun, 10 Oct 2010 12:51:54 +0000 http://tabrizi.org/ar/?p=2126 نيّة طالب العلم : كيف يجب أن تكون نية الطالب الشباب أثناء التحصيل

باسمه تعالى: يجب أن تكون نية طالب العلم هو رضاء الله تعالى وأن يُزيل عنه الجهل وأن يحصل على العلوم التي بها يحيي الدين الحنيف وأن يوفّقه في هذا الاتجاه بتحمّل المشكلات التي تعتريه.(۱۸)

أنا طالب علم في مرحلة المقدمات أرجو منكم النصيحة.

باسمه تعالى: اغتنم فرصة الشباب ووقتك الثمين في الدراسة(۱۹)، وكما ينبغي السعي في اكتساب الكمالات الأخلاقية عليك الجد في اكتساب العلم أيضاً، وعليك باختيار الاُستاذ البارز في الجانب العلمي والأخلاقي حتى تستفيد من علمه وعمله، واجتنب المجالس التي تنسيك ذكر الله، وليكن قصدك من الدراسة خدمة الدين والمذهب في المستقبل(۲۰)، واعلم أن الشيطان يكيد لك في كل لحظة ويسعى بشتى أساليبه لأن يحرفك عن جادة الحق والصواب.

صفات طالب العلم الجيّد : ما هي صفات طالب العلم الجيد؟ أرجو أن تنصحوننا.

باسمه تعالى: إن لفترة الشباب دور أساسي في مستقبل طالب العلم، فإذا ما بنى نفسه وأحسن الاستفادة من وقته فإن مستقبله سيكون لامعاً مضيئاً، ومتانة الدراسة واكتساب المعنويات والتقرب إلى الله تعالى، وتهذيب النفس اُمور إن أولاها طالب العلم أهمية منذ أيام شبابه وابتداء دراسته الحوزوية فإن توفيقه أمر محتم، ادرس لله واترك الأمر لله تعالى وستكسب النورانية بإذن الله التي ستعقبها السعادة الدنيوية والاُخروية.

واغتنم الفرص فإن الشباب سرعان ما يمضي وفقك الله.

]]>
نصائحه (قدس سره) العامّة لطلبة العلم http://portal.tabrizi.org/?p=1833 Wed, 07 Jul 2010 11:27:14 +0000 http://tabrizi.org/ar/?p=1833 السعادة الاُخرويّة :  إحدى الأسئلة التي كانت توجه إلى الفقيه المقدس الميرزا التبريزي(قدس سره)لا سيما من قبل الطلبة(۳) الشباب هي: كيف نصنع لنكون من الموفقين في حياتنا فنستغل هذه الدنيا ونستفيد منها كامل الاستفادة، وتكون جميع حركاتنا وسكناتنا في رضا الله وأهل البيت(عليهم السلام)؟

وبالرجوع الى أجوبة الفقيه الراحل عن تلك الاسئلة يمكننا الاشارة إلى بعض النكات المستفادة منها وهي كالتالي:

۱ـ الاهتمام بالتكليف الشرعي: فعلى الإنسان ابتداء اعطاء اهمية خاصة لواجباته فيؤدي فروضه على النحو الأحسن، ولا يتهاون في أداءها وهي الخطوة الاُولى لكسب التوفيق والارتباط الغيبي.

۲ـ التورع عن المعاصي: بحيث يجعل من تقوى الله ميزاناً له في أعماله وأقواله، فلا يرتكب المعصية لأجل حطام هذه الدنيا، فربما يقنع الانسان نفسه باقتراف الذنب على أمل الاستغفار والتوبة فيلتجأ إلى الكذب مثلاً والعياذ بالله في حين أن نفس تلك المعصية تسلبه التوفيق وتؤخر تقدمه نحو المكاسب المعنوية، فأن الشيطان في مكمن لكم يحاول أن يعطيكم التبريرات عبر وساوسه حتى يجركم إلى المعصية، فعلى الإنسان أن يطيع أوامر الله بكل اخلاص و لايقدم المكاسب واللذائذ الدنيوية على طاعته.(۴)

۳ـ المحبة الحقيقية لأهل البيت(عليهم السلام): يقول تعالى (وابتغوا إليه الوسيلة)وأهل البيت مصداقها البارز، فهم سفن النجاة، نجا وفاز كل من تعلق بحبلهم وتوسل بهم في الدنيا والآخرة، وكل من أراد أن يكون موفقاً في اُموره (لاسيما الطلاب) فعليه أن يغرس في قلبه المحبة الحقيقية لأهل بيت النبي(صلى الله عليه وآله) ويقف بوجه الذين يلقون بالشبهات من هنا وهناك ليضللوا عوام المؤمنين ويثبت ايمانه واخلاصه ومحبته لهم ليكون قدوة للآخرين يعتبر منه كل من يراه.

۴ـ الابتعاد عن ظلم الآخرين: على الانسان أن يجتنب إلحاق الظلم بالآخرين فإن الامتناع عن ظلم الآخرين له دور رئيسي في نيل التوفيق والكمالات، إن الله يغلق أبواب الرحمة أمام من يظلم الآخرين، ويسلبه التوفيق، وللظلم مراتب; فأحياناً يكون من ايحاءات الشيطان بأن هذا ليس ذنباً مهماً فلا يترك أثراً في حين أن نفس هذا العمل له أثره الوضعي ويجر الانسان نحو الهلاك، فإذا أراد الانسان اكتساب التوفيق عليه أن يترك الاُمور التي يشعر بأن فيها ظلم للآخرين.

والخلاصة: ليشتغل بتربية نفسه ولا يتدخل بشؤون الآخرين.

۵ـ الجدّ في التحصيل: أن يكون الدرس كل همه ولا يغفل عن تقوى الله، على الطالب أن يجدّ في دروسه حتى يكون مؤثراً، إن قيادة المجتمع وهدايته في أيدي طلاب العلم فإن قصّروا في تلقي العلم فإنه اضافة إلى أنهم مسؤولون عن ذلك أمام الله تعالى لن يكون لهم تلك الخدمات المؤثرة في المجتمع، وعليه أن تكون دراسته بحيث كلما انتهى من درس يستطيع إلقاءه، فإذا ما جد في دروسه والتزم التقوى وصل إلى درجة عظيمة يقيناً وسيوفق لخدمة الدين والمذهب.

إن المثابرة في الدرس والجدّ في تلقي العلم والتزام التقوى إلى جانبهم نور إلى سعادة الدنيا والآخرة، والله يزيد من توفيقات عبده المطيع الذي لا قصد له سوى خدمة الدين المجد في دراسته وتهذيب نفسه.(۵)

۶ـ الجليس الصالح: من الاُمور التي لها دور أساسي في البناء الذاتي الجليس الصالح لاسيما لطلاب العلم الذين يريدون أن يكونوا مبلغين لدين الله ومعارف أهل البيت(عليهم السلام)، فالإنسان يفقد روحيته ومعنوياته مع مرور الزمان بمجالسته لرفيق السوء وتزول منه النورانية تدريجاً ثم لا تساعده الفرصة للاستدراك لاقدر الله، لذا عليه أن يشاور المعروفين بتحصيلهم وتدينهم من بداية مشروعه الدراسي في اُموره، إن لم يكن بنفسه من أهل التشخيص فعليه أن يستعين بأهل الفضل، وإن يكون له رفيق من عمره في مباحثته وبقية اُموره، فالإنسان بحاجة إلى رفقاء يمكنهم افادته علمياً اضافة إلى افادته في بذل المشورة والنصيحة ومجالسته لهم أوقات فراغه، وعليه الحذر من صرف أوقاته لا قدر الله في أشياء هامشية لاطائل من ورائها واجتناب الاُمور التي تعتم قلب الانسان وكثرة المزاح ككثرة الملح في الطعام، على الطالب أن يكون كلامه متقن وموزون فلا يتكلم بكل ما يخطر بباله; بل عليه أن لا يتكلم إلا بعد تفكير وانتقاء للكلمات الصالحة، فإذا كان مراقباً لأعماله ملتزماً جانب التقوى فقد ضمن سعادته.(۶)

۷ـ اغتنام الفرص: إن رمز موفقية الإنسان تكمن في اغتنام الفرص، فإذا ما أراد الانسان لاسيما طالب العلم أن يكون له مستقبل موفق عليه ان يستغل جميع الفرص ويستفيد منها «فاغتنموا الفرص فإنها تمر مر السحاب».

۸ـ الارتباط الروحي: إذا أراد الانسان أن يكون موفقاً في عمله عليه بداية أن يتقن أداء تكاليفه الشرعية ولا يغفل عن الدعاء والذكر ليقرأ الأدعية المعروفة ولا يتخلف عن قراءة الأذكار التي من جملتها الصلوات والاستغفار.

وعليه أن يقوم ببعض الأعمال لتقوية ارتباطه الروحي كصلاة الليل لكن بشكل تدريجي وذلك حتى لايشعر بالملل والتعب في هذه الأعمال المستحبة التي عليه أن يأتي بها بنشاط وهمة عالية، فاذا ما تدرج بالعمل ولو كان قليلاً فإنه سوف يستمر عليه بينما الإكثار من المستحبات والعجلة فيها يمكن أن تتعب البعض وربما سلبته توفيق الاستمرار على ذلك العمل، فالشاب إذا تدرج في العمل المستحب عليه فانه يكتسب نورانية خاصة، البعض يفرط في أداء المستحبات وقد أثبتت التجربة أنهم لا يوفقون للاستمرار في ذلك وسرعان يتعبون منها ويتركونها.(۷)

۹ـ التوكل: من الاُمور المهمة المؤثرة في رقي الانسان وتقدمه مسألة التوكل، فإذا ما كان العمل خالصاً لوجه الله مقترنا بالتوكل عليه تعالى كان ذلك موجباً لسعادة الدنيا والآخرة، فالإنسان المؤمن المتدين اضافة إلى اخلاصه بالعمل لله عليه أن يطلب أجره منه تعالى وسيتلطف الله به وإن التوكل أفضل غنيمة تعين الإنسان وتوفقه لاكتساب الروحانية وارتقاء الدرجات.(۸)

۱۰ـ التخلق بالأخلاق الحميدة: الابتعاد عن الغرور والتخلق بالأخلاق الحميدة كالتواضع، فعلى الانسان الابتعاد عن الغرور والكبر في جميع مراحل حياته وأن يطلب من الله تعالى بالتوسل بأهل البيت(عليهم السلام) أن لا يقع في فخوخ الشيطان تلك، وأن يجعله من عباده الصالحين الحائزين على رضا امام الزمان(عليه السلام) ببركة التواضع وتقوى الله تعالى، لاسيما الطلاب عليهم أن لا يغتروا بمعرفتهم لعدة مصطلحات علمية بل عليهم أن يجعلوا التقوى نصب أعينهم، ويطلبوا من الله تعالى أن لا يكلهم إلى انفسهم طرفة عين ابداً.(۹)

رضا ولى العصر(عليه السلام)

غالباً ما كان الطلاب الشباب الذين كانوا يقدمون لزيارة الفقيه المقدس الميرزا التبريزي(قدس سره) يسألون الميرزا السؤال التالي:

ماذا يتوجب علينا حتى تكون أعمالنا محط رضا ولي العصر(عليه السلام)؟

لكن الميرزا كان يلاحظ ظاهر هؤلاء الطلبة قبل أي شيء فإذا ما رأى أحدهم لا يتناسب لباسه مع شأنية طالب العلم أو أن شعره كان طويلاً أو أن لحيته من القصر بمكان ابتدأ أولاً وبكل محبة بابداء الملاحظات الظاهرية.

الخطوة الاولى:

فكان مما يقوله(قدس سره): «أولاً عليكم اصلاح الشكل الظاهري، فالواجب عليكم أن يكون تحرككم في المجتمع مختلفاً عن تحرك بقية الشباب، الشعر قصير، لحية متعارفة عند أهل العلم، ولباس مناسب لشان الطلبة»(۱۰). ثم يضيف: «ثم عليه أولاً أن يكون دقيقاً في تكاليفه الشاملة للحلال والحرام ويبتعد عن المسائل اللهوية.

الخطوة الثانية:

عليه أن تكون جميع أعماله لله بمعنى أن لا يقدم على عمل إلا لأجل رضا الله تعالى، ولا يشرك في نيته أي داع آخر غير رضا الله تعالى، فإذا ما كان العمل خالصاً لله فانه سوف يكون ذا نتيجة حسنة وسيجزيه الله على ذلك العمل المخلص ويرفع صاحبه إلى مرتبة أعلى(۱۱).

الخطوة الثالثة:

عليه أن يلتزم الولاء لأهل بيت النبوة(عليهم السلام)ويخلص لهم الولاء والأدب في ساحتهم القدسية ولا يعمل عملاً إلا ولهم فيه رضا، ويبرز لهم محبته باللسان والجنان، ويقف مدافعاً عن ساحتهم وعن مظلوميتهم ويكون مدافعاً حقيقياً عن الدين والمذهب.

الخطوة الرابعة:

التي أكد عليها الميرزا لهؤلاء الطلبة الشباب هي المواظبة على الدرس، فأوجب على الطلاب صرف جميع أوقاتهم لتحصيل الدروس ليتمكنوا من خدمة الدين والمذهب فإذا لم يواظب الطالب على درسه وأمضى يومه بمسائل هامشية فإنه ليس فقط لن يخدم الدين بل أنه سوف يكون وبالاً على الدين والمذهب(۱۲).

الخطوة الخامسة:

والاهتمام بالمعنويات هي النكتة الاُخرى التي أوصى بها الميرزا(قدس سره)فقال: حينما كنا في المدرسة الفيضية كانت المدرسة تعج بالطلبة في منتصف الليل (لاقامة نافلة الليل) بحيث لو أن غريباً دخل منتصف الليل إلى المدرسة لظن من كثرة الطلاب انما هو وقت صلاة الصبح، فقد كان الطلبة ملتزمين بالتهجد واحياء الليل. فعلى الطلبة أن يخطو نحو تحصيل هذه الروحانيات وبناء الروح وان لا يغفلوا عن التوسل باهل بيت النبوة(عليهم السلام).

ان مما كان يعتقد به الميرزا ان منتصف الليل هو وقت توزيع العطايا والاُجور لهذا فانه كان يناجي الله بعد منتصف الليل، وكان لديه اتصال قلبي خاص مع معبوده تحكي عنه ذهابه منتصف الليالي إلى الحرم وتهجده في الحرم ومسجد الامام الحسن العسكري(عليه السلام)الذي أصبح حديث الطلاب.

والنكتة التي أصر عليها الميرزا في حديثه مع الطلاب أن قال لهم:علاوة على وجوب تمتع الطالب بالذكاء والفطنة عليه ان يتحرك بكل تواضع وتؤدة فلا يحسب لنفسه شأناً ومكانة في نفسه ، فينشغل بدرسه وأبحاثه بكل اخلاص فاذا ما اعتبر لنفسه مكانة ما فانه لن يصل إلى شيء(۱۳).

]]>