فی محضر الأستاذ – مدرس آیت الله العظمی میرزا جواد تبریزی ره http://portal.tabrizi.org Wed, 31 Jul 2013 08:03:05 +0000 fa-IR hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.6.2 أخذ الاجرة على الصناعات الواجبة http://portal.tabrizi.org/?p=3698 Wed, 31 Jul 2013 08:03:05 +0000 http://ar.tabrizi.org/?p=3698 mhzar-olama

الاشكال في وجه جواز أخذ الأجرة على الصناعات التي يتوقف عليها نظام البلاد فان تلك الصناعات من الواجب الكفائي، بل من الواجب العيني عند عدم قيام من تكون بقيامه كفاية، فكيف يجوز أخذ الأجرة عليها، وأجيب عن ذلك بوجوه. (الأول) الالتزام بتخصيص قاعده عدم جواز أخذ الأجرة على الواجب، ورفع اليد عنها باعتبار الاجماع وسيرة العقلاء المتدينين منهم وغيرهم. (الثاني) انكار تلك القاعدة في غير العبادات. ويظهر ذلك من كل من ذكر جواز أخذ الأجرة على القضاء، بلا تقييد بصورة عدم تعينه على القاضي. (الثالث) جواز أخذ الأجرة على تلك الصناعات بعد سقوط وجوبها بقيام من به الكفاية عليها، فانّه يكون أخذها على غير الواجب ـ وفساد هذا الوجه أوضح، فانّ لازمه الحكم بفساد أخذ الأجرة على الجماعة القائمة بها قبل سقوط وجوبها، مع جريان السيرة القطعية على القيام بها بالأجرة في كل عصر، من غير نظر إلى سقوط وجوبها بفعل الآخرين وعدمه. (الرابع) الالتزام بعدم جواز أخذ الأجرة على عمل يكون بعنوانه محكوماً بالوجوب، كتجهيز الموتى وتعليم الأحكام وأمّا العمل المحكوم عليه بالوجوب بعنوان حفظ النظام لا بعنوان نفسه، فلا مانع من أخذ الأجرة عليه. وهذا الوجه أيضاً بلا موجب، فانّه لم يظهر الفارق بين العمل الواجب بعنوانه وبين الواجب بعنوان آخر.

(الخامس) الفرق بين تلك الصناعات وغيرها من الواجبات، بدعوى أنّ عدم جواز أخذ الأجرة على الصناعات يوجب اختلال النظام، فان كل وحد يختار من تلك الصناعات ما هو أسهل، ويترك الصعب أو الأصعب على الآخرين لأنّ الداعي إلى الأقدام على الأعمال الشاقة الصعبة هو الطمع في الأجرة فتسويغ أخذ الأجرة عليها لطف، أي تقريب للعباد إلى موافقة التكليف باقامة النظام، لا أنّه ينافي هذا التكليف. (السادس) دعوى أن تلك الصناعات من قبيل الواجب المشروط فيكون وجوبها مشروطاً ببذل العوض عليها، سواء كانت الصنعة الواجبة من الواجب العيني باعتبار انحصار من به الكفاية، أو من الواجب الكفائي كما في صورة تعدده وعدم انحصاره، وعلى كل فلا تكون تلك الصنعة واجبة على المكلف قبل اعطاء العوض بعنوان الاجارة أو الجعالة، بل باعطائه يحصل شرط وجوبها عيناً أو كفاية. وبعبارة أخرى لا تكون الصنعة ـ حال قرار الأجرة لها بالأجارة أو الجعالة ـ واجبة حتى تكون تلك الأجرة على العمل الواجب، والجواب عن هذا الوجه ظاهر، فانّ الواجب على الطبيب مثلاً احياء النفس وانقاذها من الهلكة، سواء بذل على طبابته العوض أم لا. (السابع) أنّ وجوب تلك الصناعات غيري باعتبار توقف اقامة النظام عليها ومن الظاهر عدم توقف إقامته على العمل مجاناً ليجب العمل كذلك، بل الموقوف عليه بذل النفس للعمل ولو مع العوض. ثم ذكر هذا القائل أنّه إذا بذل المريض الأجرة للطبيب وجب عليه المعالجة وإن لم يبذل مع أداء ترك العلاج إلى هلاكه أجبره الحاكم حسبة على بذلها. والفرق بين هذا الوجه والوجه الرابع هو أنّ الصناعات على هذا الوجه واجبات غيرية، بخلاف الوجه الرابع فانّها عليه واجبات نفسية، ولكن ليس وجوبها بعناوينها الأولية، بل بالعنوان الطاريء عليها، وهو عنوان التحفظ على النظام. وكيف كان فهذا الوجه أيضاً فاسد، فانّه لا يجب على المريض بذل الأجرة حتى يجبر عليه مع امتناعه، بل الطبابة واجبة على الطبيب، بذل له الأجرة أم لا، وعلى ذلك فيكون للمريض وغيره اجبار الطبيب على الطبابة من باب الأمر بالمعروف. والحاصل أنّ هذا الوجه على تقدير تماميته يدل على جواز أخذ الأجرة وبذلها، لا على وجوبهما، مع أنّ التفرقة ـ بين الواجب الغيري والنفسي بجواز أخذ الأجرة على الأول دون الثاني ـ غير تامة. ظاهر قوله سبحانه «فإن ارضعن لكم فأتوهنّ أجورهن» جواز أخذ المرأه الأجرة على ارضاعها، سواء كان باللباء أو غيره، فإن تمت دعوى منافاة أخذ الأجرة لوجوب الفعل، فلابد من تقييد الآية بالارضاع بغير اللباء. والتعبير بالأجر فيها ظاهر في ثبوته من جهة المعاوضة، لا أنّه حكم شرعي وتعبد خاص كجواز أكل المار من ثمرة طريقه، حتى لا يمكن التعدي، كما لا يخفى.

]]>
مجوزات الكذب http://portal.tabrizi.org/?p=3587 Mon, 28 Jan 2013 12:37:30 +0000 http://ar.tabrizi.org/?p=3587 لا ينبغي الريب في كون الكذب كسائر المحرمات في ارتفاع حرمته بالاكراه والاضطرار، كما هو مقتضى حديث رفع الاكراه والاضطرار، وقوله (ع) ما من شيء إلاّ وقد أحله اللّه لمن اضطر إليه. وذكر في جوازه للضرورة قوله سبحانه «إلاّ من أكره وقلبه مطمئن بالايمان» فإنّ مقتضاه عدم البأس بانكار الحق واظهار خلافه عند الاكراه ولكن دلالة الآية على ارتفاع حرمة الكذب عند الاكراه بالفحوى فإنّ عدم جواز الإنكار في موردها باعتبار حرمة الشهادة بالكفر ووجوب الإقرار والشهادة باللّه ورسوله لا باعتبار حرمة الكذب وبهذا يظهر الحال في قوله سبحانه «لا يتّخذ المؤمنون الكافرين أولياء» فانّ عدم جواز أخذ الكافر ولياً ليس من حرمة الكذب، بل هو محرم آخر يرتفع حرمته بالإكراه.

]]>
في القمار http://portal.tabrizi.org/?p=3381 Mon, 27 Aug 2012 12:49:54 +0000 http://ar.tabrizi.org/?p=3381

وهنا مسائل أربع
(الأولى) اللعب بالآلات مع العوض، ولا ينبغي الريب في حرمته وحرمة العوض، ويكفي في اثبات حرمة اللعب قوله عزّ من قائل: «انّما الخمر والميسر“» حتى إذا قلنا بأنّ المراد بالميسر هو الآلات لانفس المقامرة، حيث إنّ تحريم تلك الآلات معناه المنع عن اللعب بها بالعوض أو مطلقاً كما لا يخفى، كما يكفي في حرمة العوض وعدم صيرورته ملكاً للغالب، قوله سبحانه: «لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل» حيث إنّ ظاهر الأكل كما تقدم التملك ووضع اليد، ومقتضى النهي عنه ـ كالنهي عن سائر المعاملات ـ هو الفساد والحاصل أنّ اللعب بالآت القمار بداعي تملك العوض أمر محرم، ويكون أخذ العوض بازاء غلبته في اللعب اكلاله بالباطل.

(الثانية) اللعب بالآت القمار بلا عوض، والأظهر في هذه الصورة حرمة اللعب، كما هو مقتضى ظاهر صحيحة زيد الشحام قال: «سألت أباعبداللّه (ع) عن قول اللّه عزّ وجلّ: «فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور» قال: الرجس من الأوثان الشطرنج، وقول الزور الغناء» ورواية السكوني عن أبي عبداللّه (ع)، قال: «نهى رسول اللّه (ص) عن اللعب بالشطرنج والنرد» ونحوهما غيرهما. ودعوى ـ انصارف مثلهما إلى ما إذا كان في اللعب عوض ـ لا يمكن المساعدة عليها، حيث إنّ اللعب بهما من غير عوض ليس بأمر نادر. لتكون ندرته منشأ له. نعم لا يمكن الاستدلال على حرمة هذا اللعب بما ورد في حرمة القمار، لا من جهة الانصراف الذي ذكره المصنف «ره» فانّه قابل للمنع، بل لعدم احراز صدق القمار على اللعب بها من دون تعيين عوض للغالب.
ثمّ إنّه «ره» فرق بين رواية السكوني وبين رواية أبي الربيع الشامي عن أبي عبداللّه (ع) قال: «سئل عن الشطرنج والنرد، فقال: لا تقربوهما» وذكر أنّ دعوى الانصراف في الأولى قريبة، وفي هذه بعيدة، ولكن لا يخفى ما فيه، فإنّه إذا كانت كثرة الافراد موجبة للانصراف في الطبيعي، لكانت كثرة افراد القرب إلى الآلات المزبورة أيضاً موجبة للانصراف في لفظ معنى القرب المضاف إلى تلك الآلات. وذكر بعد ذلك أنّ الأولى الاستدلال على حرمة اللعب في هذه الصورة برواية تحف العقول من قوله: «ما يجيء منه الفساد محضاً لا يجوز التقلب فيه من جميع وجوه الحركات» وبما في تفسير القمي عن أبي الجارود في قوله تعالى: «انّما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلّكم تفلحون» قال: «أمّ الخمر فكل مسكر من الشراب ـ إلى أن قال: ـ امّا الميسر فالنرد والشطرنج وكل قمار ميسر. وامّا الانصاب فالأوثان التي كان يعبدها المشركون. وامّا الازلام، فالاقداح ـ إلى أن قال: ـ كل هذا بيعه وشراؤه والانتفاع بشيء من هذا حرام من اللّه ورجس من عمل الشيطان».
(لا يقال) القمار في هذه الرواية منصرف إلى ما إذا كان في اللعب رهن (فانّه يقال) ليس المراد معناه المصدري لتتم دعوى الانصراف، بل المراد آلاته بقرينة قوله. وكل هذا بيعه وشراؤه وبقرينة قوله قبل ذلك: (أمّا الميسر فهو النرد) حيث إنّ النرد اسم للالة، كما أنّ البيع، والشراء يتعلق بالآلات لا باللعب.
(اقول) لا يخفى ما فيه، فان رواية تحف العقول ـ كما ذكرنا مراراً ـ لا تصلح للاعتماد عليها، مع أنّ كون الآلات ممّا يجيء منها الفساد المحض أول الكلام، فانّه إذا جاز اللعب بها بلا عوض ورهن لا يكون فيها الفساد المحض. وأمّا رواية القمي فمع الاغماض عن ضعف سندها بالقطع، فيأتي فيها ما ذكره في الروايات السابقة من دعوى الانصراف، لا في قوله (وكل قمار ميسر) حتى يقال أنّ القمار فيه ليس بمعناه المصدري، بل الانصراف في قوله: (والانتفاع بشيء من هذا حرام) حيث إنّ الانقطاع بها ينصرف إلى فرده الشايع وهو اللعب مع العوض..
لا يخفى أنّ الرهن والعوض وإن لم يكن دخيلاً في كون اللعب بالآلات لهو وباطلا، إلاّ أنّه لا دلالته لتلك الروايات على الحرمة، لأنّ مطلق الباطل والاشتغال عن ذكر اللّه لا يكون محرماً، ولذا جعلها «ره» مؤيدة للحكم.

(الثالثة) ما إذا كان اللعب بغير الآلات المعدة، ولكن مع الرهن على اللعب، ويظهر من كلمات جماعة في باب السبق والرماية عدم الخلاف في حرمة هذا اللعب تكليفاً كما يكون فاسداً، حيث قالوا: إنّه لا خلاف. في حرمة السبق بغير المنصوص إذا كان فى البين عوض. وأمّا إذا لم يكن عوض ففي حرمة السبق خلاف وظاهر ذلك أنّ مورد الخلاف هنا ـ أي فيما إذا لم يكن في البين عوض وهي الحرمة تكليفاً ـ مورد الوفاق هناك، أي فيما إذا كان في البين عوض، فانّ الفساد يعني الحكم الوضعي لا يمكن كونه مورد الخلاف مع فرض عدم العوض في البين. وكيف كان فيلتزم في المقام بحرمة اللعب تكليفاً وفساده وضعاً، أي عدم صيرورة العوض ملكاً للغالب، ويقال في وجهه أمور.
(الأول) إنّ اللعب مع الرهن قمار، كما يفصح عن ذلك رواية العلاء بن سيابة عن أبي عبداللّه (ع) «أنّ الملائكة تحضر الرهان في الخف والحافر والريش، وماسوى ذلك فهو قمار حرام» وفيه أنّ الرواية لضعف سندها لا يمكن الاعتماد عليها. والأخذ باطلاق القمار في بعض الروايات يحتاج إلى اثبات عدم دخل الآلات في صدقة.
(الثاني) مرسلة الصدوق «ره» قال: «قال الصادق (ع): إنّ الملائكة لتنفر عند الرهان، وتلعن صاحبه ماخلا الحافر والريش والنصل»
(الثالث) بما في تفسير العياشي عن ياسر الخادم عن الرضا (ع)، قال: «سألته عن الميسر قال: الثقل من كل شيء، قال: والثقل ما يخرج بين المتراهنين من الدراهم» ولا يخفى أنّ مفاده حرمة العوض في كل رهان لا حرمة نفس الرهان واللعب تكليفاً، اضف إلى ذلك ضعفه سنداً وعدم كونه صالحاً للاعتماد عليه.

(الرابع) صحيحة معمر بن خلاد عن أبي الحسن (ع)، قال: «النرد والشطرنج والأربعة عشر بمنزلة واحدة، وكل ما تقومو عليه فهو ميسر» ولا يخفى أنّ العموم فيها أيضاً باعتبار العوض في القمار.
(الخامس) رواية جابر عن أبي جعفر (ع)، قال: «قيل يا رسول اللّه ما الميسر؟ فقال كل ما تقومو به حتى الكعاب والجوز» (لا يقال) ضعف السند في بعض هذه الروايات منجبر بالشهرة ونفي الخلاف على ما تقدم، (فانّه يقال) لم يعلم استناد المشهور في التزامهم بالحرمة والفساد إلى هذه الروايات، بل لعلهم استفادوا الحكم ممّا ورد في حرمة الميسر والقمار تكليفاً ووضعاً أو استفاد بعضهم ممّا ورد من نفي السبق في غير الثلاثة، بدعوى أنّ المستفاد من النفي المزبور في غيرها، حرمته.
فقد استظهر بعض مشايخنا المعاصرين اختصاص الحرمة بما كان بالآلات المعدة للقمار[۱].
[۱] الأظهر في المقام حرمة اللعب تكليفاً وفساده وضعاً، بمعنى عدم دخول العوض في ملك الغالب في اللعب ويشهد لذلك ما رواه الصدوق «ره» باسناده عن العلاء بن سيابة، قال: «سألت أباعبداللّه (ع) عن شهادة من يعلب بالحمام؟ قال: لا بأس إذا كان لا يعرف بفسق، قلت: من قبلنا يقولون، قال عمر هو شيطان، فقال: سبحان اللّه أمّا عملت ان رسول اللّه (ص) قال: إنّ الملائكة لتنفر عند الرهان وتلعن صاحبه ماخلا الحافر والخف والريش والنصل، فانّها تحضرها الملائكة“»وسند الصدوق إلى العلاء بن سيابة ـ كما ذكر في مشيخة الفقيه ـ صحيح، والعلاء أيضاً لا بأس به، فانّه من مشايخ ابن أبي عمير، وذكر الشيخ «ره» في عدته أنّهم ثقات. وأمّا دلالتها على حرمة اللعب مع العوض فلأنّها مقتضى لعن الملائكة صاحب الرهان، فانّ اللعن وإن امكن أن يراد منه معنى يناسب كراهة الفعل أيضاً، كما في لعن رسول اللّه (ص) آكل زاده وحده، والنائم في بيته وحده، والراكب في الفلاة وحده، إلاّ أنّ ظاهره مع عدم القرينة على الخلاف حرمة الفعل، وإذا كان نفس اللعب مع الرهن محرماً، كان أخذ الغالب العوض فاسداً، حيث إنّه من أخذ العوض على اللعب المحرم. هذا مع أنّه لا يبعد صدق القمار على اللعب المزبور،
حيث إنّ اسناد الآلات إلى المقاء كإسناد سائر الآلات إلى سائر الأفعال، كآلات القتل والفتح والقرض إلى غير ذلك وكما أنّه لم تؤخذ الآلات في مفاهيم تلك الأفعال، كذلك لم تؤخذ الآلة في مفهوم القمار. ويؤيد ذلك ملاحظة كلام اللغويين. وما تقدم مثل رواية جابر الدالة على أنّ الميسر كل ما تقومو به حتى الكعاب والجوز، حيث لا يعد الكعاب والجوز من آلات القمار. نعم لابدّ في صدق القمار من كون الفعل الذي عين العوض على الغالب فيه لعباً. فلا يطلق القمار بمعناه الظاهر عند العرف على بعض الأفعال التي لا تعد من اللعب، حتى فيما إذا عين للغالب فيها عوض كالمسابقة على النجارة أو البناية أو الكتابة ونحوها من الصناعات، ولكن عدم صدقه عليها لا يمنع عن الالتزام بحرمة الرهان فيها أيضاً، على ما استظهرناه من رواية العلاء ابن سيابة.

]]>
حكم بيع المصحف http://portal.tabrizi.org/?p=3336 Sun, 22 Jul 2012 13:06:03 +0000 http://ar.tabrizi.org/?p=3336

ذكر جماعة من القدماء والمتأخرين عدم جواز بيع المصاحب، ومرادهم ـ كما أوضح في الدروس ـ بيع خطه، وكانت حرمة بيعه مشهورة بين الصحابة على ما هو ظاهر نهاية الأحكام، حيث تمسك في إثباتها باشتهارها بين الصحابة، ويدل عليه ظاهر جملة من الروايات.
منها: رواية سماعة عن الشيخ «ره» بإسناده عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي عبدالله الرازي عن الحسن بن علي بن أبي حمزة عن زرعة عن سماعة بن مهران قال: «سألت أبا عبداللّه (ع) يقول: لا تبيعوا المصاحب، فإنّ بيعها حرام، قلت: فما تقول في شرائها؟ قال: اشتر منه الدفتين والحديد والغلاف، وإياك أن تشتري منه الورق، وفيه القرآن مكتوب» وهي ضعيفة، وليست بالموثقة، فإنّ أبا عبدالله الرازي هو محمد بن أحمد الجاموراني الزراري، وقد استثناه ابن الوليد عن روايات محمد بن أحمد بن يحيى، وفي استثنائه دلالة على ضعفه، كما أنّ ضعف الحسن بن علي بن أبي حمزة أظهر من أن يذكر، فتوصيف المصنف «ره» الرواية بالموثقة غير تامّ.
ومنها: رواية عبدالرحمن بن سيابة عن أبي عبداللّه (ع)، قال: «سمعته يقول: إنّ المصاحف لن تشتري، فإذا اشتريت، فقل إنّما اشترى منك الورق، وما فيه من الأديم، وحليته، وما فيه من عمل يدك بكذا وكذا»وفي موثقة سماعة عن أبي عبداللّه (ع)، قال: «سألته عن بيع المصاحف وشرائها؟ قال: لا تشتر كتاب اللّه، ولكن اشتر الحديد والورق والدفتين، وقل: أشتري منك هذا بكذا وكذا
ولكن في مقابلها ما يظهر منه الجواز، كصحيحة أبي بصير، قال: «سألت أبا عبداللّه (ع) عن بيع المصاحف وشرائها؟ فقال: إنّما كان يوضع عند القامة والمنبر، وقال: كان بين الحائط والمنبر قدر ممرشاه أو رجل، وهو منحرف، فكان الرجل يأتي فيكتب البقرة، ويجيء آخر، فيكتب السورة كذلك كانوا، ثمّ إنّهم اشتروا بعد ذلك، فقلت: فما ترى في ذلك؟ قال: اشتريه أحب إلى من أن أبيعه»
ونحوها موثقة روح بن عبدالرحيم، وزاد فيها «قلت: فما ترى أن أعطى على كتابته أجراً؟ قال: لأ بأس، ولكن هكذا كانوا يصعنون»
ومقتضى الجمع بين الطائفتين هو حمل المانعة على الكراهة. ولكن ذكر المصنف «ره» أنّ صحيحة أبي بصير لا تصلح أن تكون قرينة على صرف النهي في سائر الروايات إلى الكراهة، فان مدلولها أنّه لم يكن في الصدر الأول تحصيل المصاحف بالشراء، وانّما حدث ذلك أخيراً. وأمّا كيفية بيعها وشرائعها وهل هو مثل سائر الكتب أم لا؟ فلا دلالة لها على المماثلة إلاّ بالاطلاق أي السكوت في مقام البيان فيرفع اليد عن ذلك بمثل رواية عبدالرحمن المتقدمة الدالة على الكيفية المعتبرة في بيع المصاحف وشرائها، بل هذا الاطلاق أيضاً يمكن منعه بعدم كون الرواية في مقام البيان من جهة الكيفية ليمكن دعوى اطلاقها.
وبهذا يظهر الحال في رواية عنبسة الوراق، قال: «سألت أبا عبداللّه (ع)، فقلت: إنّي رجل أبيع المصاحف، فان نهيتني لم أبعها، فقال ألست تشتري ورقاً وتكتب فيه، فقلت: بلي وأعالجها، فقال لا بأس بها» فانّ ظهور هذه في جواز بيع المصاحف كسائر الكتب بالاطلاق وبالسكوت في مقام البيان، فيرفع اليد عنه بالبيان الوارد في الروايات المتقدمة.
(اقول): لابدّ من رفع اليد عن الأخبار المانعة بحملها على الكراهة، فانّه قد ورد في موثقة روح بن عبدالرحيم المتقدمة نفي البأس عن الكتابة بالأجر، ولو لم يكن لخط القرآن مالية، باعتبار عظمته لم تكن كتابته من الأعمال التي لها قيمة.
والحاصل أنّه لا يحتمل الفرق بين الأجر على كتابه القرآن وبين بيعه، وجواز الأول كاشف عن جواز الثاني. هذا مع أنّ ظاهر السؤال في مثل صحيحة أبي بصير بقوله (فما ترى في شرائها) هو السؤال عن جواز شراء المصاحف بالنحو المتعارف في سائر الكتب، فيكون جوابه (ع) بالجواز راجعاً إلى ذلك النحو، وهذا من الظهور الوضعي لا الاطلاقي ليتوقف على تمامية مقدماته، وذلك فانّ دلالة اللفظ الموضوع للكتاب عليه بالوضع واضافة البيع إليه ظاهرة بمقتضى وضع الاضافة، في تعلقه بعنوان ذلك الكتاب كما لا يخفى.

لا يخفى أنّ المصحف كسائر الكتب تكون خطوطه وصفاً مقوماً له، ولا يمكن كون الوصف مطلقاً مقوماً كان أم غيره ملكاً لشخص، وموصوفه ملكاً للآخر. بل لو كان الوصف في الشيء حاصلاً بعمل الآخر، وكان بأمر من مالك ذلك الشيء أو باستيجاره فيستحق العامل الأجرة عليه، وإلاّ فلا احترام لفعله، ولا يكون له على مالكه أجرة أصلاً، وعلى ذلك فلو كان النهي عن بيع المصاحف لزومياً كان المراد بمتعلق النهي، ملاحظة خطوطها في أخذ العوض عليها، على ما تقدم سابقاً في النهي عن بيع الجارية المغنية، وفي النهي عن بيع آلات اللهو.
والحاصل أنّ المراد بالنهي عن بيع المصاحف هو المنع عن بيع الأوراق بملاحظة كونها موصوفة بالكتابة القرآنية. وبهذا يظهر أن ما ذكره المصنف «ره» من أي النقوش ان لم تعد من الأعيان المملوكة عرفاً، بل من صفات المنقوش الذي تتفاوت قيمته بوجودها وعدمها، فلا حاجة إلى النهي عن بيع الخط، فانّه لا يقع بازائه جزء من الثمن ليقع في حيز النهي ـ لا يمكن المساعدة عليه، لما ذكرنا من كون الخطوط وصفاً مقوماً، نظير بيع آلات اللهو، وانّ النهي مقتضى عدم جواز لحاظ هذا الوصف في مقام المبادلة، على ما تقدم في بيع الآلات.
نعم ذكرنا أنّه لابدّ من حمل النهي على الكراهة أي على كراهة ايقاع المعاملة على المصحف بما هو مصحف، وأنّ اللازم في التخلص من هذه الكراهة جعل الثمن بازاء الأوراق بما هي أوراق، والثمن المأخوذ وإن كان زائداً على ثمن الأوراق، والزيادة بداعي اتصاف تلك الأوراق بالكتابة القرآنية، الا أنّه لا يذكر هذه الجهة في العقد، بل يذكر فيه عنوان الأوراق والحديد، وبعد انتقال الأوراق إلى المشتري يكون مالكاً لها بما هي مصحف، حيث تقدم تبعية الخطوط، وانّه لا يمكن كونها ملكاً لشخص، والأوراق ملكاً لآخر.
(لا يقال) لا فرق بين النهي في المقام وبين النهي عن بيع آلات اللهو، غاية الأمر عدم المالية في تلك الآلات باعتبار خستها، وفي المصحف باعتبار عظمته، كما يرشد إلى ذلك، قوله في مضمرة عثمان بن عيسى: «لا تشتر كلام اللّه» وعلى ذلك يكون النهي عن بيع المصحف نظير النهي عن بيع تلك الآلات حقيقياً، لا راجعاً إلى صورة العقد كما تقدم، نعم يجوز بيع الأوراق والحديد من المصحف نظير بيع المواد من الآلات.
(فانّه يقال) إنّ تجويز بيع المصحف في صحيحة أبي بصير المتقدمة وتجويز أخذ الأجرة على كتابته في موثقة روح بن عبدالرحيم قرينة على اختلاف الحكم في المقام، وأنّ ايقاع المعاملة على المصحف كإيقاعها على سائر الكتب مكروه، ولابدّ من التخلص عن الكراهة من إيقاعها على الاوراق والحديد، فيكون هذا حكماً راجعاً إلى صورة العقد، ولا يتعين بيع المصحف بقيمة الأوراق والحديد، كما كان يتعين ذلك في بيع الآلات، على تأمّل كما لا يخفى.
وأمّا ما ذكره المصنف «ره» من فرض كون خطوط المصحف من الأعيان في مقابل أوراقه ـ فغير صحيح، وعلى تقديره فيرد عليه ما أورده «ره» من أنّه لو قيل ببقاء تلك الخطوط على ملك البايع بعد بيعه الأوراق، لزم شركة البايع والمشتري في المصحف بالقيمة، ولا يمكن الالتزام بها. وإن انتقلت إلى المشتري، فإن كان انتقالها بجزء من الثمن فهو عين بيع المصحف، ولا يكون للنهي عنه معنى إلاّ الحمل على الكراهة، وإن كان انتقالها قهراً تبعاً للأوراق، فهو خلاف مقصود المتبايعين، فان قصدهما اعطاء العوض وأخذه في مقابل المصحف المركب من الأوراق، والخطوط، فلابدّ من ارجاع النهي إلى التكليف الصوري أي التكليف الراجع إلى صورة المعاملة، بأن يجعل الخطوط فيها بعنوان الشرط في البيع، لا الجزء من المبيع

]]>
بيع ما يقصد منه الحرام http://portal.tabrizi.org/?p=3035 Mon, 30 Jan 2012 12:31:10 +0000 http://ar.tabrizi.org/?p=3035 mhzar-olama

وحاصله أنّ في المقام مسائل ثلاث:
الأُولى: ما إذا كان توافقهما على خصوص المنفعة المحرّمة.
الثانية: ما إذا كان الملحوظ كلتا المنفعتين المحلّلة والمحرّمة كما هو الحال في بذل الثمن للجارية المغنية.
الثالثة: ما إذا كانت المنفعة المحرّمة واستعمال الشيء في الحرام داعياً لهما إلى المعاملة، كما إذا اشترى العنب وكان قصدهما تخميره، ولكن بلا التزام منهما خارجاً أو اشتراطه في المعاملة.
ثمّ إنّه لا إشكال في فساد المعاملة وحرمتها في الأُولى، حيث أنّ المعاملة مع الالتزام والإلزام بالمنفعة المحرّمة تكون إعانة على الإثم، وأخذ العوض أكلاً له بالباطل، سواء ذكرا هذا الإلزام والالتزام في العقد بعنوان الشرط أم لا.
أقول: إثبات الحرمة للمعاملة المزبورة تكليفاً ووضعاً موقوف على حرمة مجرّد الإعانة على الاثم، وكون أكل الثمن فيها أكلاً له بالباطل، ولكن المحرّم هو التعاون على المعصية والعدوان، بأن يجتمع اثنان أو أكثر على تحقيق الحرام وإيجاده، وصدور الحرام عن شخص وتحقيق مقدّمة من مقدّماته من شخص آخر المعبّر عن تحقيق المقدّمة بالإعانة على الاثم لا يكون من التعاون على ذلك الحرام، ولو كان مجرّد الإعانة على الاثم محرّماً، لكان بيع العنب ممن يعمله خمراً حراماً تكليفاً، حتّى مع عدم اشتراط التخمير وعدم قصد البايع ذلك، وكذا لا يمكن الالتزام بالفساد، فإنّ الثمن في المعاملة لا يقع بإزاء الشرط أو المنفعة، بل إنّما يقع بإزاء نفس المبيع، وبما أنّ للمبيع منفعة محلّلة ومالية شرعاً يكون الحكم بالفساد مع اشتراط المنفعة المحرّمة مبنياً على كون الشرط الفاسد مفسداً للعقد، هذا كلّه بالإضافة إلى البيع.
وأمّا بالإضافة إلى الاجارة فإن كان الشرط راجعاً إلى تضييق مورد الاجارة وتقييدها بالمنفعة المحرّمة تكون باطلة باعتبار أنّ أخذ الاجرة بإزاء تلك المنفعة من أكل المال بالباطل، وهذا بخلاف ما إذا رجع الشرط إلى التزام زائد على أصل الاجارة بحيث يكون التخلّف من المستأجر في مثل الشرط موجباً لثبوت خيار الفسخ للموجر لا المطالبة بأُجرة المثل عمّا أتلفها عليه من المنفعة، فإنّ مع عدم تقييد مورد الاجارة تكون بطلانها باشتراط الحرام مبتنياً على مسألة فساد العقد بفساد الشرط، نعم في رواية جابر (صابر) قال: «سألت أبا عبداللّه (ع) عن الرجل يؤاجر بيتاً فيباع فيه الخمر قال: حرام أجره»، ولكنّها لو حملت على صورة تقييد المنفعة فهو، وإلا فلا يمكن الاعتماد عليها لضعفها سنداً ومعارضتها بحسنة ابن أُذينة، قال: «كتبت إلى أبي عبداللّه (ع) أسأله عن رجل يؤاجر سفينته ودابّته ممن يحمل فيها أو عليها الخمر، والخنازير، قال: لا بأس»
هذا، مع أنّ الروايتين غير ناظرتين إلى صورة الاشتراط، وما ذكره «ره» ـ في الجمع بين الروايتين من حمل الثانية على صورة اتفاق حمل الخمر أو الخنزير من غير أن يؤخذ ركناً أو شرطاً في العقد ـ لا يمكن المساعدة عليه، فإنّ كون الحرمة متيقّنة ـ من رواية بالإضافة إلى أمر والجواز من رواية أُخرى بالإضافة إلى أمر آخر ـ لا يوجب كون كلّ منهما قرينة عرفية على التصرّف في الأُخرى، كما تقدّم ذلك في علاج المعارضة بين ما ورد من أنّ ثمن العذرة سحت، وما ورد من عدم البأس به ولعلّه إلى ذلك أشار «ره» في آخر كلامه بقوله «فتأمّل».
والحاصل أنّه لو تمّ الحكم بالبطلان في المسألة الثالثة الآتية ثبت في هذه المسألة أيضاً بالفحوى، والا فلا موجب للالتزام في المسألة بالفساد، بل ولا لحرمة المعاملة تكليفاً، نعم شراء المشتري العنب للتخمير داخل في التجري، وإلزام البايع داخل في ترغيب الناس للحرام، وهذا لا يوجب حرمة نفس المعاملة كما لا يخفى.
نعم، لا بأس بالالتزام بالحرمة تكليفاً في بيع العنب حتّى فيما إذا كان التخمير مما التزم به المتعاقدان خارجاً بلا اشتراطه في البيع بفحوى اللعن الوارد على غارس الخمر، ولكن الحرمة لا تقتضي فساده كما هو المقرّر في محلّه. وربّما يقال في وجه بطلان المعاملة ـ في مثل بيع العنب بشرط أن يصنعه خمراً ـ أنّ هذا الشرط ينافي مقتضى العقد، ووجه منافاته له أنّه كما أنّ بيع الشيء مع اشتراط عدم الانتفاع به أصلاً مساوق لاشتراط عدم ملك المبيع للمشتري وعدم كونه مالاً له، كذلك اشتراط عدم الانتفاع به انتفاعاً حلالاً، حيث أنّ هذا الشرط مع انضمام منع الشارع عن التخمير مثلاً إسقاط للعنب عن كونه ملكاً ومالاً للمشتري من جهة التخمير ومن جهة سائر المنافع، فلا يتمّ البيع الذي حقيقته جعل المبيع ملكاً ومالاً للمشتري بإزاء الثمن، وهذا الفساد لا يرتبط بالقول بكون الشرط الفاسد مفسداً، فإنّ تلك المسألة فيما إذا لم يكن الشرط موجباً لفقد شرط أو ركن من أصل المعاملة، وإلا كان أصل العقد باطلاً حتّى مع الالتزام فيها بعدم الإفساد.
أقول: الموجب لبطلان الشرط بل بطلان المعاملة معه فيما إذا كان الشرط منافياً لمقتضى العقد هو عدم قصد إنشاء المعاملة مع الشرط المزبور، مثلاً في قول البايع بعتك هذه العين بكذا بشرط أن لا تدخل في ملكك كان الشرط باطلاً ومبطلاً للبيع، لرجوعه إلى عدم قصده تمليكها للمشتري، مع أنّ البيع هو تمليك العين بعوض، وأمّا إذا كان الشرط ملائماً لجعل الملك واعتبار دخول المبيع في ملك المشتري، كما إذا قال بعتك هذا المال على أن يخرج عن ملكك، فيدخل في مسألة كون الشرط الفاسد مفسداً أم لا. وهذا في المورد الذييكون الخروج عن الملك محتاجاً إلى سبب، وإلا فلا بأس بالشرط في مثل بيع العبد من ابنه الحرّ بشرط خروجه عن ملكه، واشتراط عدم الانتفاع بالمبيع أصلاً لا يلازم عدم دخول العين في ملك المشتري، بل يصحّ البيع والشرط معاً فيما إذا كان في الاشتراط غرض عقلائي، كما إذا باعه قطعة من الذهب واشترط أن لا ينتفع بها أصلاً، وكان غرضه بقاؤها حتّى تصل إلى ورثة المشتري. وأمّا إذا لم يكن فيه غرض عقلائي كان الشرط باطلاً، كما إذا باع العنب واشترط عدم الانتفاع به أصلاً، حيث أنّ الشرط ـ لكونه سفهائياً والعمل به تبذيراً للمال ـ باطل، ولكن لا ينافي هذا الاشتراط قصد دخول العنب في ملك المشتري.
لا يقال: العنب مع الشرط المزبور لا يكون مالاً، فيكون أكل الثمن بإزائه من أكل المال بالباطل.
فإنّه يقال: إنّما لا يكون العنب مالاً فيما إذا كان الشرط نافذاً، وأمّا مع إلغائه كما هو مقتضى كون الشرط سفهائياً، فلا يدخل تملّك الثمن بإزاء العنب في العنوان المزبور.
والحاصل: انّ اعتبار الملك للمشتري لا ينافي اشتراط عدم انتفاعه بالمبيع، بل الشرط المزبور ينافي كونه مالاً مع نفوذه ولزومه، والمفروض أنّه غير لازم وغير نافذ حتّى في اعتبار العقلاء، فيكون المبيع ملكاً ومالاً للمشتري، كما هو مقتضى اطلاق دليل حل البيع، وهذا فيما إذا اشترط في البيع عدم الانتفاع بالمبيع أصلاً بأيّ انتفاع، وأمّا إذا كان الشرط عدم الانتفاع المحلّل أو الانتفاع به بالمحرّم فلا ينافي الشرط الملك، ولا كون المبيع مالاً، وذلك فإنّ اعتبار شيء ملكاً للمشتري ومالاً له في اعتبار المتعاقدين لا يتوقّف على ثبوت المنفعة المحلّلة له، ولذا يتعاملون فيما بينهم على الخمر وغيرها مما لا منفعة محلّلة له. وعلى ذلك فبيع العنب مع اشتراط تخميره بيع في اعتبار العقلاء، وبما أنّ دليل إمضاء الشروط لا يعمّ اشتراط تخميره فالشرط المزبور ملغى، وبعد إلغائه لا مانع من شمول «أحلّ اللّهُ البيعَ» لبيع العنب واعتبار كونه ملكاً ومالاً للمشتري، لأنّ المفروض أنّ العنب مال حتّى شرعاً لثبوت المنفعة المحلّلة له، ولو كانت تلك المنفعة ملغاة عند المتعاقدين باشتراط التخمير.
وذكر السيد الخوئي طال بقاؤه أنّ المعاملة مع اشتراط المنفعة المحرّمة وإن كانت صحيحة، إلا أنّها محرّمة تكليفاً، وذكر في وجه ذلك أنّ إلزام الغير بالمحرّم ـ كإكراهه عليه ـ حرام، فالمعاملة المشتملة على الشرط الحرام بما أنّها إلزام للغير بالمحرم تكون محرّمة. ولكن حرمتها بهذا العنوان كحرمتها بسائر العناوين الطارئة عليها لا تكون موجبة لفسادها.
ولا يخفى ما فيه فإنّ الشرط في مثل التخمير من الأعمال ليس بنفسه إلزاماً للغير، بل هو التزام على نفسه للغير، وإذا تمّ هذا الالتزام يكون للغير حقّ إلزامه، فيكون الإلزام من آثار صحّة الشرط لا نفس الشرط الذي لا حرمة فيه إلا وضعاً. نعم هو قسم من التجرّي، والحاصل أنّ الإلزام في شرط الأعمال فعل للمشروط له وخارج عن أصل المعاملة وشرطها، وأثر لتمام الشرط فيها، فلا يترتب فيما إذا لم يتمّ الشرط، كما إذا كان المشروط عملاً محرّماً.
دفع ما يمكن أن يقال من أنّه قد ورد المنع في رواية جابر المتقدّمة عن إيجار البيت ليباع فيه الخمر، وقد حمل «ره» تلك الرواية على صورة الاشتراط بأن يشترط في إيجارها استيفاء منفعة البيت ببيع الخمر فيها، أو أن يجعل تلك المنفعة ركناً، بأن يكون متعلق التمليك في الاجارة خصوص قابلية البيت لبيع الخمر فيه ولا يرضى «ره» أن يحمل على الاشتراط ما ورد في بيع الخشب ممن يصنعه صنما[ً أو صليباً، فما الفرق بينهما؟ وأجاب بالفرق بينهما وأنّ الاشتراط في مثل بيع الخشب بعيد عن المسلم، بخلاف اجارة البيت لبيع الخمر أو إحرازها فيه، بأن يجعل بيعها فيه أو إحرازها ركناً في عقد الاجارة أو شرطاً فيه، فإنّ صدور هذا النحو من الايجار من المسلم غير بعيد، كما إذا كانت الاجرة في مقابل تلك المنفعة زائدة على أُجرة سائر منافعها، وبما أنّ السائل يحتمل حرمة هذا الإيجار وفساده فسأل الإمام (ع) عن حكمه.

بيان وجه بطلان المعاملة رأساً في مورد اشتراط صرف المبيع في الحرام، مع أنّ المفروض أنّ للمبيع منفعة محلّلة مقصودة. وحاصل الوجه أنّه قد تقدّم في بيع آلات القمار ونحوها بطلان المعاملة رأساً وعدم انحلالها إلى المعاملة على الهيئة والمعاملة على المادّة، حتّى تبطل الأُولى وتصحّ الثانية، مع أنّ كلاً من الهيئة والمادة جزء الشيء، وانحلال المعاملة على الكلّ إلى المعاملة على الأجزاء أولى مما نحن فيه، مما تكون المعاملة جارية على الشرط والمشروط. والمراد بالشرط المنفعة المحرّمة وبالمشروط نفس الشيء.
وبعبارة أُخرى لا يكون مع بذل الثمن على الشيء بلحاظ منفعته المحرّمة انحلال في المعاملة لتبطل بالاضافة إلى الشرط، وتصح بالاضافة إلى أصل المشروط.
أقول: هذا الكلام باطل ، والسرّ في ذلك أنّ الثمن في البيع لا يقع بإزاء الشرط أو المنفعة من غير فرق بين المحلّل منهما أو المحرّم، ولذا لا يثبت مع تخلّف الشرط أو المنفعة إلا الخيار لا تبعيض الثمن. وعلى ذلك ففي مورد بطلان الشرط الذي في نفسه التزام آخر غير أصل البيع لا موجب لبطلان نفس البيع، وهذا بخلاف صورة كون الهيئة مما لا يتموّل شرعاً، كآلات القمار، فإنّه لا يمكن فيها تصحيح البيع بالإضافة إلى المادّة بعد بطلانه بالإضافة إلى الهيئة، لما تقدّم من أنّ الثمن في بيعها يقع بإزاء الهيئة والمادة بما هما شيء واحد، فلا يصحّ البيع بالإضافة إلى أحدهما بعد بطلانه بالإضافة إلى الآخر، فلاحظ وتدبّر.

[۲] حاصل أنّه إذا كانت في العين صفة يقصد منها الحرام ككون الجارية مغنّية والعبد ماهراً في القمار أو السرقة فللبيع صور ثلاث:
الأُولى: ما إذا جرت المعاملة على تلك العين ولوحظ فيها الوصف المزبور بأن زيد الثمن باعتباره، ويجعل ذلك الوصف شرطاً في تلك المعاملة، ففي هذه الصورة يحكم ببطلانها باعتبار أنّ تقسيط الثمن على الوصف غير متعارف، وإنّما يكون الوصف داعياً إلى زيادة الثمن، فيكون أخذ ذلك الثمن بإزاء تلك العين المشروط فيها الوصف المزبور من تملّكه بالباطل.
الثانية: ما إذا اشترى الجارية المغنّية بما هي جارية، أي لم يشترط في بيعها كونها مغنّية، بحيث لو فرض عدم ثبوت الوصف فيها واقعاً لم يثبت في اعتبار المتعاملين للمشتري خيار تخلّف الوصف، ففي هذه الصورة يصحّ البيع حتّى فيما إذا كان الوصف داعياً إلى شرائها، بل وبذل ثمن زائد عليها، حيث أنّ مع عدم اشتراط وصف كونها مغنّية لا يكون أخذ الثمن بإزائها من أكله بالباطل.
الثالثة: ما إذا جعل كونها مغنّية شرطاً في المعاملة وزيد ثمنها باعتبار الوصف، إلا أنّه لم يقصدا الحرام من ذلك الوصف بل جعلاه شرطاً باعتبار أنّه وصف كمال قد يصرف في المحلل، بأن يكون منشأ للحلال، كالغناء في الأعراس، ففي هذه الصورة مع كون المنفعة المحلّلة المترتبة على الوصف مقصودة للعقلاء ولم تكن نادرة فلا بأس بالبيع المزبور.
وأمّا إذا كانت نادرة فهل يكون الوصف المشروط المترتب عليه المنفعة الغالبة المحرّمة مع المنفعة النادرة المحلّلة على الفرض، كالعين التي لها منفعة غالبة محرّمة ومنفعة نادرة محلّلة، بأن لا يجوز البيع بمجرّد تلك المنفعة النادرة أو أنّه لا بأس باشتراط الوصف المزبور، ولا يقاس الوصف بالعين؟ ذكر «ره» أنّ الأقوى عدم الإلحاق والحكم بصحّة بيع الجارية المغنّية مع شرط كونها مغنّية بلحاظ أنّها صفة كمال تصرف في الحلال ولو نادراً. وما ورد من أنّ ثمن الجارية المغنية سحت منصرف إلى الغالب، يعني إلى البيع في الصورة الأُولى، ووجه القوّة أنّ الجارية لها منفعة مقصودة محلّلة كالاستمتاع بها واشتراط كونها مغنّية إنّما توجب كون المأخوذ في مقابلها أكلاً للمال بالباطل، فيما إذا كان المقصود من الصفة هو الحرام ومع عدم قصد الحرام لا توجب ذلك، وهذا بخلاف ما إذا لم يكن في العين إلا المنفعة المحلّلة النادرة غير الملحوظة عند العقلاء، حيث يكون أكل الثمن بإزائها من أكله بالباطل.
أقول: إذا لم يكن الوصف من الأوصاف المقوّمة للمبيع يكون الثمن في المعاملة بإزاء نفس العين، حتّى في صورة اشتراطه في المعاملة، وليس شرط الوصف قيداً للمبيع، بل كما هو المقرر في محلّه التزام آخر غير أصل المعاملة، وحقيقة اشتراط الوصف هو جعل المشتري الخيار لنفسه في صورة تخلّف ذلك الوصف، ولو فرض بطلان هذا الجعل، فلا بأس بشمول «أحلّ اللّهُ البيعَ» لأصل المبادلة، وكيف يكون أخذ الثمن بإزاء الجارية من أكله بالباطل، مع أنّ الجارية ـ المفروض وقوع تمام الثمن بإزائها في نفسها ـ من الأموال.
والحاصل أنّ الحكم بالبطلان في المقام على خلاف القاعدة وللنص الوارد في أنّ ثمن الجارية سحت. والنصّ المزبور يعمّ الصورة الثالثة أيضاً. ودعوى انصرافه إلى الصورة الأُولى فقط بلا وجه. نعم لا يعمّ الصورة الثانية لظهوره في بيع الجارية المغنّية بما هي مغنّية، وفي تلك الصورة يكون بيعها بما هي جارية كما لا يخفى. وعلى ذلك، فإن أمكن الاطمئنان بعدم الفرق في الحكم بين بيع الجارية المغنّية وبين مثل بيع العبد الماهر في القمار يتعدّى عن مورد النصّ وإلا فيقتصر على مورده.

إذا باع مثلاً العنب ممن يعمله خمراً ويكون داعيه إلى بيعه منه تخميره، ونفى في هذه الصورة الإشكال والخلاف في حرمة البيع، وظاهر الحرمة عند إضافتها إلى البيع، وإن كان هو الفساد، إلا أنّ تعليلها بكون البيع إعانة على الإثم قرينة على كون المراد هو التكليف. ثمّ تعرّض لما باع العنب مثلاً ممن يعمله خمراً من غير أن يكون داعيه إلى بيعه منه تخميره، بحيث يبيعه منه حتّى لو لم يعمله خمراً، وذكر أنّ الأكثر في هذا الفرض على الجواز لبعض الأخبار، كصحيحة عمر بن أُذينة، قال: «كتبت إلى أبي عبداللّه (ع) أسأله عن رجل له كرم، أيبيع العنب والتمر ممن يعلم أنّه يجعله خمراً أو سكراً؟ فقال: إنّما باعه حلالاً في الابان الذي يحلّ شربه أو أكله فلا بأس ببيعه»ورواية أبي كهمس، قال: «سأل رجل أبا عبداللّه (ع) عن العصير فقال: لي كرم وأنا أعصره كلّ سنة وأجعله في الدنان ـ إلى أن قال (ع) ـ هو ذا نحن نبيع تمرنا ممن نعلم أنّه يصنعه خمراً» ونحوهما غيرهما، وفي مقابلهما صحيحة ابن أُذينة ومعتبرة عمرو بن حريث، وفي الأُولى: «كتبت إلى أبي عبداللّه (ع) عن رجل له خشب، فباعه ممن يتخذه صلباناً قال: لا»، وفي ثانيهما، قال: «سألت أبا عبداللّه (ع) عن التوت أبيعه ممن يصنع الصليب والصنم؟ قال: لا»، وعن بعض الجمع بين الطائفتين بحمل الناهية على صورة اشتراط المنفعة المحرّمة على المشتري والمجوّزة على غير صورة الاشتراط. وأورد «ره» على ذلك بأنّه بعيد، فإنّه لا يكون للمسلم داع فيما إذا باع شيئاً إلى أن يشترط على مشتريه استعماله في الحرام ثمّ يسأل الإمام (ع) عن ذلك، فلا يمكن حمل صحيحة ابن أُذينة ونحوها على ذلك، وذكر «ره» وجهين آخرين في الجمع بينهما:
الأوّل: حمل الناهية على الكراهة بشهادة صحيحة الحلبي عن أبي عبداللّه (ع) أنّه «سُئل عن بيع العصير ممن يصنعه خمراً، فقال: بيعه ممن يطبخه أو يصنعه خلاً أحبُّ إليّ، ولا أرى بالأوّل بأساً» حيث أنّ التعبير عن ترك البيع بالأحبّ ونفي البأس بعده قرينة على الكراهة.
والثاني: الالتزام بالمنع والتحريم في بيع الخشب ممن يصنعه صليباً أو صنماً، كما هو مفاد الطائفة الثانية وبالجواز في غيرهما، وقال: إنّ هذا الجمع قول فصل لو لم يكن قولاً بالفصل، يعني تفصيل في المسألة لو لم يكن خرقاً للإجماع المركّب.
أقول: المتعيّن هذا الوجه وحمل الجواز على كونه بنحو الكراهة غير ممكن، وذلك فإنّه قد ورد في صحيحة رفاعة قوله (ع): «ألسنا نبيع تمرنا ممن يجعله شراباً خبيثاً» حيث لا يمكن الالتزام باستمراره (ع) على ارتكاب المكروه، بل لا يمكن ذلك حتى في صحيحة عمر بن أُذينة فإنّه ذكر (ع) فيها جواز بيع الخشب ممن يصنعه برابط ثمّ منع عن بيعه ممن يعمله صنماً أو صليباً.
والحاصل أنّ المتعيّن هو الوجه الأخير، يعني أنّ بيع الشيء ممن يجعله هيكل عبادة صنماً أو صليباً لا يجوز تكليفاً كما مرّ، بخلاف البيع في غير ذلك فإنّه جائز بلا كراهة، نعم يستحبّ اختيار المشتري الذي يصرف الشيء في الحلال كما هو مقتضى التعبير بصيغة التفضيل في صحيحة الحلبي المتقدّمة التي جعلها «ره» شاهدة الجمع بين الطائفتين.

]]>
بيع المصحف من الكافر http://portal.tabrizi.org/?p=3007 Sat, 21 Jan 2012 12:28:35 +0000 http://ar.tabrizi.org/?p=3007 mhzar-olama

المشهور بين العلامة والمتأخرين عنه ـ على ما قيل ـ عدم جواز زبيع المصحف من الكافر، حتى بالوجه الذي يجوز بيعه من المسلم بذلك الوجه، واحتمل المصنف «ره» أن يكون مستندهم في عدم الجواز أمرين (الأول) فحوي ما دلّ على عدم جواز تملك الكافر المسلم.
(أقول) الفحوى ممنوعة، فانّه لو كان أصل الحكم ثابتاً بأن لا يصح تملك الكافر العبد المسلم، فهو باعتبار أن ـ ملك الكافر المسلم وعدم تمكن المسلم على تصرفاته وأفعاله إلاّ برخصة منه ـ ولاية للكافر على المسلم، ولا يجري ذلك في ملك الكافر المصحف، وبعبارة أخرى لو لم يكن هذا هو الملاك جزماً فلا أقل من احتمال كونه الملاك، ومعه لا يمكن دعوى الفحوى. وأمّا أصل الحكم فانّه روي الشيخ «ره» في نهايته عن حماد بن عيسى عن أبي عبداللّه (ع) أنّ أميرالمؤمنين (ع) أتى بعبد ذمي قد أسلم، فقال: إذهبوا فبيعوه من المسلمين وادفعوا ثمنه إلى صاحبه، ولا تقروه عنده فيقال ظاهر هذه الرواية عدم سلطان للكافر على اقرار المسلم في ملكه.
وفيه أنّه لابدّ في المسألة من الاعتماد على وجه آخر، فانّ هذه الرواية لضعف سندها بالرفع لا يمكن الاعتماد عليها (لا يقال): سند الشيخ إلى حماد مذكور في المشيخة، وليس فيه ضعف (فانّه يقال) لم يحرز أنّ الشيخ رواها في النهاية عن كتاب حماد، وملاحظة المشيخة تنفع فيما إذا أحرز أنّ روايته عن كتابه، والإحراز بالإضافة إلى روايات التهذيب والاستبصار فقط، لذكره في أول التهذيب ببدء الرواية باسم صاحب الكتاب الذي يروي عنه، وبدؤه ـ «ره» في التهذيب بمحمد بن يحيى مرفوعاً عن حماد ـ قرينة على عدم أخذه الرواية من كتاب حماد وإلاّ لكان المناسب بدء السند به لا بمحمد بن يحيى ولعل قوله سبحانه «لن يجعل اللّه للكافرين على المؤمنين سبيلاً» كاف في ذلك الحكم، فتأمّل.
(الأمر الثاني) قوله (ع): (الإسلام يعلى ولا يعلو عليه) أقول هذا نبوي مرسل، ولا يمكن الاعتماد عليه، ومدلوله إن كان اثبات العلو للإسلام بحسب مقام الإثبات والبرهان، فهذا صحيح، ولكن لا يرتبط بالمقام، وإن كان علوه بحسب تشريع الأحكام، فهذا لا يقتضي عدم جواز بيع المصحف للكافر، فانّ مجرد تملكه لا يكون علواً للكفر على الاسلام، كما أنّ مجرد تملك مسلم الإنجيل لا يكون علواً للإسلام على الكافر. نعم لا يجوز اعطاء المصحف بيد الكافر، فيما إذا كان الإعطاء تعريضاً للمصحف الشريف للنجاسة الموجبة لهتكه، وهذا غير بحث الملكية الحاصلة بالبيع ونحوه.
المحترم لأسمائه
بناءً على تسرية الحكم، فلا يجوز بيع الدراهم من الكافر، حتى فيما إذا لم تكن مالية للسكة الموجودة عليها، كالدراهم المأخوذة للتبرك والمكتوب عليها اسم النبي (ص) أو غيره من المعصومين (ع)، فإنّ بيعها باعتبار موادها أي الذهب والفضة وإن كان نظير بعض الحلويات أو الصابون المصنوع بصورة الحيوان، فيباع في السوق باعتبار موادها، إلاّ أنّ المفروض في المصحف عدم جواز بيعه من الكافر، حتى باعتبار أوراقه وحديده، ولازم التعدي إلى الدراهم المفروض التبرك بسكتها عدم جواز بيعها حتى باعتبار مادتها.

]]>
بيع المتنجس http://portal.tabrizi.org/?p=2700 Tue, 23 Aug 2011 11:32:34 +0000 http://ar.tabrizi.org/?p=2700 mhzar-olama

يحرم المعاوضة على الأعيان المتنجسة
لو لم تكن للمتنجس منفعة محلّلة مقصودة، كما إذا كانت منفعته المقصودة الأكل أو الشرب، فحرمتهما مع عدم إمكان تطهيره توجب كون أخذ المال في مقابله من أكله بالباطل. حرمة شرب المتنجّس أو أكله مستفادة مما ورد في أبواب مختلفة، كالنهي الوارد عن شرب الماء والمضاف المتنجسين، وكالأمر الوارد بإهراق المرق المتنجس وغسل لحمه، وغير ذلك مما هو إرشاد إلى عدم جواز تناول المتنجّس.
لا يقال: يكفي في تعلّق النهي بنفس المتنجّس مثل قوله سبحانه: «يحلّ لهم الطيّبات ويحرّم عليهم الخبائث»
.
فإنّه يقال: لم يعلم أنّ المراد بالخبائث الأعيان ليدّعى شمولها للأعيان المتنجّسة أيضاً، بل الظاهر أنّ المراد بها الأعمال القبيحة وذوات المفاسد، كما أنّ المراد بالطيّبات خلافها. وهذا مقتضى وصف النبي الأُمّي بأنّه يحلّ لهم الطيّبات ويحرّم عليهم الخبائث، حيث أنّ التعرّض في مقام توصيفه لتحليله بعض المأكول والمشروب وتحريمه بعضهما الآخر دون سائر ما جاء به من الأحكام غير مناسب، ولو لم يكن ما ذكرنا ظاهراً فلا أقلّ من الاحتمال. كيف؟ وقد ذكر الخبائث في قوله سبحانه: «نجّيناه من القرية التي كانت تعمل الخبائث»
والمراد به الفعل القبيح بلا شبهة.
وعلى الجملة لم يثبت أنّ الخبيث نفس المتنجس، بل هو أكله وشربه، هذا كلّه بالإضافة إلى ما لا يقبل التطهير. وأمّا ما يقبل التطهير كالحليب المتنجّس يعمل جبناً ويطهر ذلك الجبن بالغسل، فلا بأس ببيعه، ولا يكون مجرد تنجسه مانعاً عنه، لأنّ المتنجّس لا يزيد على الأعيان النجسة التي ذكرنا صحة بيعها مع المنفة المقصودة المحلّلة لها.
قيل بعدم جواز بيع المسوخ من أجل نجاستها
قال في المبسوط: لا يجوز بيع الأعيان النجسة كالكلب والخنزير وجميع المسوخ، وفي الخلاف: لا يجوز بيع القرد للإجماع على أنّه مسخ نجس، وذكر في أطعمة الكتاب أنّ المسوخ كلّها نجسة، إنتهى. ولكنّ الأظهر طهارتها فإنّها مقتضى الأخبار المعتبرة الموجبة لحمل ما ورد في ترك سؤر المسوخ على التنزّه، وعليه فلو قيل بعدم جواز بيعها يكون محلّ التعرّض له القسم الثاني مما يجوز بيعه باعتبار عدم المنفعة المحلّلة المقصودة فيه.

]]>
النميمة محرّمة بالأدلّة الأربعة http://portal.tabrizi.org/?p=2676 Wed, 25 May 2011 10:52:21 +0000 http://tabrizi.org/ar/?p=2676 gossip

كما هو مقتضى ورود اللعن والوعيد عليه بالعذاب في الكتاب المجيد، قال عزّ من قائل: «ويقطعون ما أمر اللّه به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار». والنمام قاطع لما أمر اللّه به أن يوصل من تأليف قلوب المؤمنين وبسط المحبة فيما بينهم. وفيه أنّ ظاهر أمر اللّه بصلته وجوبها. ومن الظاهر عدم وجوب الصلة مطلقا، فلا دلالة للآية على حرمة النميمة في غير مورد الصلة الواجبة.

وبعبارة أخرى غاية ما يستفاد من الآية حرمة النميمة بين شخصين أو أشخاص يكون كل منهما أو منهم مكلفاً بالصلة مع الآخر أو الآخرين، بل يمكن أن يقال: ظاهر الآية حرمة قطع الصلة بأن يترك الصلة مع ذي رحمه، ولا نظر لها إلى النميمة أصلاً، كما أنّ مجرد النميمة لا تكون فساداً في الأرض، كما إذا أوقع الخلاف بين المتحابين من غير أن يترتب على التفرقة بينهما فساد آخر، فان هذا الايقاع نميمة، ولكن لا يصدق عليه أنّه فساد في الارض، وكذا الحال في الآية الثانية، فان ظاهرها ـ بملاحظة صدرها ـ ايقاع الفتنة بين المؤمنين وتفريق صفوفهم في مقاب الكفار، فان هذا أكبر من قتل المؤمن. ولا يترتب ذلك على كل نميمة حتى تقتضي حرمتها مطلقا، قال عزّ من قائل: «يسئلونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل اللّه وكفر به والمسجد الحرام واخراج أهله منه أكبر عند اللّه والفتنة أكبر من القتل»

وبتعبير ثالث لا يكون مطلق ايقاع الخلاف بين اثنين أكبر من قتل المؤمن والتعبير بأنّها أكبر من القتل قرينة واضحة على أنّ المراد بها الفتنة الخاصة، وهي ايقاع الخلاف والتشتت في صفوف المسلمين، بداعي تضعيفهم في مقابل الكفار.

ويستدل أيضاً على حرمتها بقوله سبحانه: «هما زمشاء بنميم» وعن السيد الخوئي طال بقاه أنّ مدلولها حرمة المبالغة ولا بدونها، بل هي واردة في بيان حكم آخر، وهو عدم جواز الاتباع والطاعة للحلاف الهماز المشاء بنميم مناع للخير معتد أثيم.

نعم لا ينبغي الريب في حرمتها مطلقا ويكفي في اثباتها الروايات: كصحيحة علي بن جعفر عن أبي الحسن (ع)، قال: «حرمت الجنة على ثلاثة مدمن خمر، والنمام، والديوث وهو الفاجر» وصحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع)، قال: «الجنة محرمة على القتاتين المشائين بالنميمة»

لا عبرة في صدق النميمة بكراهة الكشف، بل المعيار في صدقه نقل ما يكون وقيعة بين المنقول عنه والمنقول إليه.

]]>
الكذب لدفع الضرر http://portal.tabrizi.org/?p=2521 Sat, 23 Apr 2011 11:32:33 +0000 http://tabrizi.org/ar/?p=2521 mhzar-olama

ثمّ إنّه وإن اعتبر في تحقق الاضطرار إلى الكذب عدم التمكن من التورية، فانّ الاضطرار إلى الجامع بين الكذب والتورية من قبيل الاضطرار إلى شرب أحد ما يعين لرفع عطشه المهلك، وأحدهما متنجس والآخر طاهر في أنّ الاضطرار إلى الجامع ـ باعتبار إمكان ايجاده في ضمن فرده الحلال ـ لا يكون من الاضطرار إلى الحرام، إلاّ أنّه في المقام روايات يستفاد منها عدم اعتبار العجز عن التورية في جواز الكذب.

(منها) ـ صحيحة اسماعيل بن سعد الأشعري عن أبي الحسن (ع) (عن رجل يخاف على ماله من السلطان، فيحلف لينجو به منه، قال: لا جناح عليه، وسألته هل يحلف الرجل على مال أخيه كما يحلف على ماله؟ قال: نعم» وموثقة زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع): «نمر بالمال على العشار، فيطلبون منّا أن نحلف لهم ويخلون سبيلنا، ولا يرضون منّا إلاّ بذلك؟ قال: فاحلف لهم فإنّه أحل من التمر والزبد» فإنّه وإن لم يذكر كذب الحلف فيهما، إلاّ أنّه المراد، فانّ السؤال عن جواز الحلف صادقاً لدفع الضرر بعيد، خصوصاً بقرينة الجواب بأنّه أحل من التمر والزبد، وفي رواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن آبائه عن علي (ع)، قال قال رسول اللّه (ص): «احلف باللّه كاذباً ونج أخاك من القتل» إلى غير ذلك.

ومقتضى اطلاق مثل هذه عدم الفرق في جواز الحلف لدفع الضرر، بين التمكن من التورية وعدمه، وفي مقابل ذلك رواية سماعة عن أبي عبداللّه (ع) قال: «إذا حلف الرجل تقية لم يضره إذا هو أكره أو اضطر إليه، وليس شيء ممّا حرم اللّه إلاّ وقد أحله لمن اضطر إليه» فإنّ مقتضى مفهومها عدم جواز الكذب مع عدم الاضطرار والاكراه، كان في البين دفع ضرر أو لا، والنسبة ـ بينهما وبين الروايات المجوزة للكذب لدفع الضرر ـ العموم من وجه، فانّه يشمل مفهوم هذه ما إذا لم يكن في الكذب دفع الضرر، كما تشمل تلك الروايات ما إذا كان دفع الضرر منحصراً بالكذب كما في فرض الغفلة عن التورية، ويجتمعان فيما إذا لم ينحصر دفع الضرر بالكذب كما في فرض التمكن من التورية، فانّ مقتضى المفهوم عدم جوازه لعدم الاضطرار إليه، ومقتضى تلك الروايات جوازه وبما انّ دلالة كل منهما بالاطلاق فيسقط الاطلاق من الجانبين، ويرجع إلى اطلاق دليل حرمة الكذب.

(لا يقال) لا وجه لسقوط الاطلاق منهما فيما إذا كانت في البين قرينة على دخول مورد الاجتماع في مدلول أحدهما، فانّ لزوم حمل الروايات المجوزة على الصورة النادرة وهي عدم التمكن من التورية قرينة على التحفظ باطلاقها، (فانّه يقال) لا يكون عدم التمكن من التورية ولو باعتبار غفلة المتكلم عنها نادراً. اللّهمّ إلاّ يقال: إنّ مفهوم رواية سماعة اخص مطلق بالاضافة إلى الروايات المتقدمة، فانّ قوله (ع) فيها (إذا حلف الرجل تقية) لا يعم غير موارد دفع الضرر، فيكون تعليق جواز الكذب فيه على الاضطرار بالقضية الشرطية ظاهراً في عدم جواز دفعه به، مع عدم الاضطرار، ويقيد به اطلاق الروايات السابقة، ولعله لذلك أمر المصنف «ره» بالتأمّل، ولكن الأظهر عدم اعتبار العجز عن التورية في جواز الكذب، فانّ بعض روايات الحلف كاذباً قد وردت في دفع الضرر المالي عن الغير، كما في صحيحة اسماعيل المتقدمة، ومثل هذه لا تكون من مورد الاضطرار، لأنّ دفع هذا الضرر عن الغير لا يكون واجباً ليتحقق عنوان الاضطرار إليه. ومقتضى اطلاق الصحيحة جواز هذا الحلف مع التمكن من التورية وعدمه، وبهذا يرفع اليد عن اطلاق مفهوم رواية سماعة، فيقال: لا يجوز الكذب من غير اضطرار إلاّ الكذب لدفع الضرر المالي عن الغير، فانّه جائز مع التمكن من التورية وعدمه، وإذا جاز الكذب لدفع الضرر المالي عن الغير مع التمكن منها جاز لدفع الضرر عن نفسه أيضاً، لعدم احتمال الفرق في الجواز وعدمه بين دفع الضرر عن نفسه وغيره.

هذا مع أنّ رواية سماعة ضعيفة سنداً لا يمكن الاعتقاد عليها. وذكر الايرواني «ره» في وجه جواز الكذب لدفع الضرر مع التمكن من التورية وعدم انّ الكذب عبارة عن التلفظ بالفاظ والقصد إلى معنى منها لا يطابق الواقع والاكراه على الكل كما يكون رافعاً لحرمة الكل كذلك الاكراه على الجزء يكون رافعاً لحرمته التبعية، وبما أنّ الألفاظ المزبورة جزء

من الكذب بل عمدته، وباعتباره الاكراه أو الاضطرار إليها ترفع حرمتها التبعية فيجوز قصد المعنى منها لأنّ مجرد قصد المعنى بدون التلفظ ليس بحرام، والتلفظ في الفرض باعتبار ارتفاع حرمته كالعدم، فيكون الفرض كما إذا كان في البين القصد المجرد.

ولكن لا يخفى ما فيه، فأنّ مجرد التلفظ بالألفاظ لا يكون محرماً ولو تبعاً حتى ترتفع حرمته بالاكراه أو الاضطرار، كما هو حال الجزء في سائر الموضوعات المحرمة المركبة وإنّما يكون الجزء حراماً ضمناً مع حصول الكل، فتكون الألفاظ محرمة في خصوص فرض قصد معنى منها لا يطابق ذلك المعنى الواقع، ومع التمكن من التورية يكون الاضطرار أو الاكراه على الجامع بين الحلال والحرام، فيعود الكلام السابق.

ثم انّ أكثر الأصحاب مع تقييدهم جواز الكذب[۱].

[۱] هذا اشكال على أكثر الأصحاب المعتبرين في جواز الكذب العجز عن التورية. وحاصله أنّهم فرقوا بين الكذب في الحلف والخبر، وبين المعاملات وسائر الأقوال المحرمة كالسب والتبري، حيث اعتبروا العجز عن التورية في جواز الأول دون الثاني، فانّه لا تصح المعاملات المكره عليها، ولا يكون السب أو التبري محرماً مع الاكراه حتى مع التمكن من التورية، فيقال عليهم بأنّ المكره بالفتح على البيع مثلاً مكره على التلفظ لا على إرادته، فإذا أراده مع تمكنه على التورية يكون البيع باختياره ورضاه، فاللازم الحكم بصحته ودافع عنهم المصنف «ره» بأنّ المجوز للكذب في الحلف أو في الاخبار طرو عنوان الاضطرار، وتحقق هذا العنوان موقوف على العجز عن التورية، بخلاف المعاملات وسائر الأقوال، فأنّ الطاري عليها عنوان الاكراه، ولا يعتبر في تحققه العجز عنها، كما إذا أمره الجائر ببيع ماله أو بالتبري عن دينه فباع أو تبرء للتخلص من وعيده، يكون فعله مكرها عليه ومحكوماً في الأول بالفساد وفي الثاني

بالجواز.

(أقول). والصحيح عدم الفرق بين الاضطرار والاكراه في عدم تحقق عنوانهما، مع إمكان التفصي بالتورية أو بسائر المحللات، بلا فرق بين المعاملات وغيرها، وأنّه لا يرتفع بمجرد الاكراه، الرضا المعتبر في المعاملات، كما لا يرتفع ذلك الرضا في موارد الاضطرار، وأنّ الوجه في صحة المعامله مع الاضطرار إليها والحكم ببطلانها مع الاكراه عليها، هو أنّ الحكم بفسادها في مورد الاضطرار خلاف الامتنان، فلا يشملها حديث الرفع بخلاف مورد الاكراه، فأنّ الرفع فيه موافق له فيعمها حديث الرفع، وإذا أمره الجائر بالمعاملة وأمكن التفصي عنها بالتورية أو بغيرها، ومع ذلك أنشأ المعاملة بقصدها حكم بصحتها أخذاً باطلاق دليل نفوذها، ولا يكون في البين حكومة لحديث الرفع، وهذا بخلاف الحلف أو الاخبار كذباً، فانّه جائز في مورد دفع الضرر حتى مع امكان التورية أو امكان التفصي بغيرها، لما تقدم من دلالة الروايات الخاصة على هذا الجواز، ويترتب على ذلك أنّه لو أراد الذهاب إلى بلد يكون له طريقان، وعلم أنّه لو سلك الطريق الفلاني يتعرض له الجائر، فلابدّ في التخلص عن ضرره من الحلف كذباً دون ما إذا سلك الطريق الآخر، فلا يتعرض له، فانّه يجوز سلوك الطريق الأول والحلف له كذباً. وما في الكلام المصنف «ره» ـ من اعتبار العجز عن التفصي بغير التورية في جواز الكذب ـ لا يمكن المساعدة عليه.

نعم يمكن الاستدلال على استحباب تحمل الضرر المالي بما ورد في الحلف باللّه صادقاً من استحباب تحمل الضرر والاغماض عن الحلف، وإذا كان تحمله وترك الحلف الصادق مستحباً يكون تحمله والاغماض عن الحلف الكاذب كذلك بالأُولوية، إلاّ أن التعدي إلى مطلق الاخبار كذباً مشكل، لما يظهر من بعض الروايات من كون ملاك الاستحباب اجلال اللّه سبحانه بترك الحلف باسمه صادقاً أو كاذباً، وفي رواية الكسوني عن أبي عبداللّه (ع) قال: «قال رسول اللّه (ص): من أجل اللّه أن يحلف به أعطاه خيراً ممّا ذهب منه» ونحوها غيرها.

ثمّ إنّه لا يخفى أنّ جواز الكذب لدفع الضرر مختص بما إذا كان الضرر من الظلم والتعدي عليه، ولا يجوز لمطلق كالضرر في المعاملة، فإذا توقف بيع ماله بلا خسارة على كذبه في رأس المال، فلا يجوز الكذب، لأنّ جوازه إمّا لرفع الاضطرار أو الاكراه، والمفروض انتفاؤهما، حيث إنّ الاضطرار يتوقف على وجوب دفع الضرر المزبور، والضرر المالي يجوز تحمله، وحديث لا ضرر لوروده مورد الامتنان لا يعم المقام، بل يختص بما إذا كان في رفع التكليف الضرري امتناناً، ولا امتنان في تجويز الكذب لمؤمن الموجب لاغراء المؤمن الآخر، بل لا يجوز التورية في مثل اخباره برأس المال باعتبار كونه غشا كما مرّ سابقاً.

واذا دار أمر حمل روايات اهل البيت ع بين الحمل على مثل التقية أو الاستحباب، فتحمل على الاستحباب، وذكرنا في الأُصول من أنّ خصوصية الاستحباب أو الوجوب غير داخلة في مدلول الصيغة، بل مدلولها البعث نحو الفعل وينتزع الوجوب من عدم ثبوت الترخيص في الترك، كما ينتزع الاستحباب من ثبوت ذلك الترخيص. وإذا انضم المستفاد من الصيغة أي البعث إلى الاغتسال إلى ما هو معلوم من الخارج من جواز تركه ثبت الاستحباب.

وأمّا إذا لم يكن الحمل على الاستحباب أخذاً بالظهور، كما إذا ورد في رواية انّ المذي ناقض، ودار أمرها بين أن يراد بالناقض فيها ما هو ظاهره من بطلان الوضوء بالمذي للتقية، وبين استحباب الوضوء بعد خروجه، فلا يكون مجرد الأسب بشأنهم قرينة عرفية على إرادة الاستحباب، ويترتّب على ذلك أنّه لا يتيسر لنا الحكم باستحباب الوضوء بعد خروج المذي بمجرد العلم بأنّ ظاهر الكلام المزبور غير مطابق للحكم الواقعي، مع أنّه إذا جاز الأخبار عن خلاف الواقع لرعاية التقية كما هو الفرض، فلا تكون ارادة مثل الاستحباب اليق بحالهم وما ورد في بعض الموارد لا يدلّ على الضابط لما يصدر عنهم (ع) في جميع موارد التقية، ولا يبعد أن يكون الأمر بالوضوء بعد خروج المذي من هذا القبيل، حيث إنّ ظاهر ذلك الأمر الإرشاد إلى ناقضية المذي، ومجرد العلم بعدم كونه ناقضاً لا يكون قرينة على حمل ذلك الأمر على الاستحباب.

الثاني من مسوغات الكذب إرادة الإصلاح

يدلّ عليه غير واحد من الروايات (منها) صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبداللّه (ع)، قال: «المصلح ليس بكذاب» ورواية المحاربي عن جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي (ص)، قال: «ثلاثة يحسن فيهنّ الكذب، المكيدة من الحرب، وعدتك زوجتك، والاصلاح بين النّاس» إلى غير ذلك. ومقتضى اطلاقها عدم الفرق بين التمكن من التورية وعدمه، فيكون هذا تخصيصاً آخر في أدلة حرمة الكذب على قرار تخصيص الكذب لدفع الضرر، وبعض الاخبار ـ ومنها رواية المحاربي ـ متضمنة لجواز الكذب في الوعد للزوجة أو الأهل، ولكنّها بحسب الظاهر ضعيفة سنداً، فلا يمكن الاعتماد عليها في رفع اليد عن اطلاق دليل حرمة الكذب، بل عن السيد الخوئي (طال بقاه) عدم دلالة تلك الاخبار على جواز الكذب في الوعد الذي يكون من قبيل الاخبار، كالاخبار عن فعله الاستقبالي مع علمه بتركه في ذلك الزمان، وإنّما مدلولها ترك الوفاء بوعده الإنشائي يعني التعهد للعيال أو الزوجة بالفعل، وهذا لا يتصف بالصدق أو الكذب ليكون حراماً، ولا بأس بالتعهد وترك الوفاء به ما لم يكن في ضمن المعاملة. نعم لو قيل بوجوب الوفاء بالعهد الابتدائي يكون الوعد للزوجة أو العيال مستثنى. وفيه أنّ عد الوعد للأهل في الرواية من افراد الكذب قرينة على كون المراد به الوعد الاخباري، وحمل الكذب فيها على البناء على عدم الوفاء بالوعد الانشائي خلاف ظاهرها، خصوصاً بملاحظة أنّ جواز الخلف في الوعد الإنشائي الإبتدائي لا يختص بالوعد للزوجة أو الأهل كما تقدم.

]]> الفرق بين المكاسب والمتاجر http://portal.tabrizi.org/?p=2440 Sat, 05 Mar 2011 12:19:38 +0000 http://tabrizi.org/ar/?p=2440 وذلك؛ فإنّ التجارة مصدر ثان لتجر أو اسم مصدر، ومعناها البيع والشراء بغرض الربح، فيطلق التاجر على من تكون حرفته البيع والشراء وتحصيل الربح بهما، وكيف كان فلا تعمّ التجارة ما إذا لم يكن البيع أو الشراء بقصد الربح، فضلاً عن الأعمال التي يكون الشخص أجيراً عليها،

وهذا بخلاف المكاسب، فإنّه جمع مكسب: بمعنى ما يطلب به المال، فيعمّ مثل تلك الأعمال.

لا يقال: لماذا سمي الشيخ الانصاري ره كتابه المكاسب مع انه قد وقع البحث في الكتاب عن حرمة بعض الأعمال وحلّها مع عدم تعارف كسب المال بها، كالبحث عن حرمة الغيبة وسبّ المؤمن، وكما يقال إنّ البحث فيها استطرادي، كذلك يمكن أن يكون المهمّ في المقام البحث في الأعيان المحرّم والمحلّل بيعها وشراؤها، وكذر غيرها للاستطراد، فلا موجب لعنوان الكتاب بالمكاسب.

فإنّه يقال: قد ذكرنا أنّ عنوان الكتاب بالمكاسب أولى لا أنّه متعيّن، مع أنّ الالتزام بكون المقصود بالبحث تلك الأعيان فقط غير سديد، وإلا لكان ذكرها في شرايط العوضين من كتاب البيع أولى من إفرادها، والبحث فيها مقابل كتاب البيع، وهذا بخلاف ما لو كان المقصود بيان المكاسب المحرّمة وتمييزها عن المحلّلة منها، سواء كان الكسب بالأعيان أو المنافع والأعمال، حيث أنّ افرادها والبحث فيها مستقلاً أنسب.

]]>